أتى تقرير الخبير المستقل لحقوق الإنسان مخيبا للكثيرين من المدافعين عن حق التنظيم وحرية الراي والعدالة والحرية والديمقراطية فى السودان.
و السبب معروف فى إعتقادى راجع لضعف منظمات المجتمع المدنى التى تحسب على القوي المعارضة العسكرية والمدنية منها..وهذا كذلك أسبابه معروفة وهو عدم وجود رغبة حقيقة فى التعاون والتنسيق مع وبين منظمات المجتمع المدنى.
مسألة حقوق الانسان تحتاج لمتابعة و لعمل متواصل وتوثيق بصورة منظمة systematic documentation.
من حضر إجتماعات مجلس حقوق الإنسان عدد قليل من المنظمات التى مقرها فى كمبالا وبعض السودانيين المقيمين فى سويسرا..
مسالة حقوق الانسان هذه يتعامل معها السودانيون بالعضل ساي..اقدر جهودهم فيما يقومون به من بيانات ولقاءات فى مواقع التواصل الاجتماعى وبعض الصفحات على الشبكة العنكبوتية. لكن التعامل مع مجلس حقوق الانسان يجب لا يكون عملا عشوائيا او ذات طموحات شخصية. معظم الوقفات هى مظاهرات شكلية التصوير فيها والمظهر اهم من الهدف ومن جوهر الوقفة الاحتجاجية نفسها. لذلك تجد عملية الاعداد قليلا ما يسبقها التخطيط و التنسيق. المسؤول عن الوقفة الاحتجاجية دائما ما يكون فرد أو مجموعة من الافراد وليست منظمات مجمتع مدنى يسبقها عمل تنسيقي منظم. هذا ما عدا ما يقوم به بعض السودانيين فى أمريكا فى مسالة وجود منظمات مجتمع مدنى فى تنظيم الوقفات الإحتجاجية..
توثيق الانتهاكات باللغة الانجليزية للإنتهاكات قليل جد وتواجهه العديد من العقبات. نعم اللغة العربية هى لغة رسمية لمنظمات الامم المتحدة لكن تقارير اللغة الانجليزية تجد اهتماما وقتى اكثر من تقارير اللغة العربية. النظام استفاد من غياب منظمات المجتمع وسوق لمنظماته ومولها لحضور الاجتماع فى حين ان المعارضة لم تهتم بهذا النقطة وهذه ليست من أولوياتها.
نحتاج لتحديد قضايا حقوقية محددة تركز عليها منظمات المجتمع المدنى بشكل تخصصى. على سبيل المثال أن تركز منظمة ما على حقوق حرية التعبير والنشر والدفاع عن حقوق الصحافيين والاعلامين. هنا أحي ما تقوم به منظمة (جهر) لكن معظم تقراريرها باللغة العربية ولا تتعدى النشر فى مواقع التواصل الاجتماعي. هناك غياب من جانب النقابات أو من جانب منظمات تعمل على الدفاع عن الحقوق النقابية. السودان مصنف من اسوأ الدول فى مجال الحقوق النقابية فى التقرير الاخير الذي اصدره الإتحاد العالمى للنقابات Human Rights Index 2017. ما حدث لنقابة الاطباء فى العام الماضي كان يمكن ان يكون كافيا لوضع السودان فى بند إدانة.
لاتوجد منظمات تهتم بقضايا حقوقية فى مجال الجندر وحقوق الاطفال والمسنين واللاجئين وفى مجال مناهضة العنصرية. وعشان اكون دقيق ممكن تكون فى منظمة موجودة هنا او هناك لكن هناك غياب لعمل منظم يوثق لهذه الانتهاكات يقوم بنشرها وعرضها للجهات المسؤولة.
كنت أشرت سابقا لدراسات عن كيفية تحول أحزاب سياسة الي منظمات مجتمع مدنى سودانية والعكس ان تتحول منظمات مجتمع مدنى إلى تنظيم سياسي. فى ظل سياسة نظام الانقاذ والتضيق على حرية التنظيم والنشر والتعبير لمنظمات المجتمع المدنى إنخرط العديد من الأحزاب السياسية فى تخطيط وتنفيذ عمل هو من أهم إختصاصات منظمات المجتمع المدنى. نضرب مثال هناك بمشاركة الاحزاب السياسية فى حملة التوعية بوباء الكوليرا والذي لازال يحصد أرواح المئات من فقراء السودان. أكيد لن تقف الاحزاب مكتوفة الايدى من المساهمة فى هذه الوعية فى غياب دور منظمات المجتمع المدنى فى مجال التوعية. هنا كان الأجدر بالاحزاب السياسية ان تطالب بحرية التنظيم والدفاع عنها بإعتبار منظمات المجتمع المدنى جزء مهم من التطور المجتمعى وبالذات فى مجال المطالبة والدفاع عن حقوق الانسان السودانى. للأحزاب السياسية الحق فى ان تكون لها منظمات مجتمع مدنى تعمل ك Think Tank لها. هذا النوع من المنظمات حاربته الانقاذ بكل الوسائل نذكر منها إغلاق مركز الخاتم عدلان وإعتقال عضوية منظمة تراكس..ومركز عبد المجيد امام وغيرها..
على مستوي التنسيق والتعاون والذي يعتبر من اهم متطلبات العمل بكفاءة هناك غياب لاى نوع من التنسيق بين منظمات المجتمع السودانية فى الداخل والخارج. نأخد مثال هنا مايسمى بكونفدرالية منظمات المجتمع المدنى والتى هى أحد أضلاع تحالف نداء السودان والذي انهار بسبب الخلافات التى تعصف به الان.
على حسب ما كتب الخبير المستقل فى تقريره انه "إلتقي بعاملين وطلاب من جامعة إفريقيا العالمية فى الخرطوم وتلقي منهم معلومات قيمة عن حالة حقوق الانسان" لكنه لم يذكر اسماء منظمات المجتمع المدنى التى إلتقاها. كذلك قدم التقرير معلومة مغلوطة وضحت جهل الخبير نفسه بمن قابلهم. فى الباب الثالث النقطة ١٣ من التقرير يقدم معلومة خطأ حينما يقول: ألقت السلطات القبض على ٢١ عضوا فى احزاب المعارضة منهم رئيس حزب (المؤتمر الوطنى)، الذي إتهم بالتحريض على الإطاحة بالنظام. هذا الخطا الشنيع مذكورا فى النسخة الانجليزية والعربية. جاء تقرير الخبير المستقل مختصرا ومغلوطا فى الكثير من نقاطه دون ان يجد اي تفنيد فى غياب منظمات المجتمع المدنى والتضيق عليها.
فى هذا الغياب جاء تقرير الخبير الدولي لصالح حكومة الانقاذ وكانه يعطيها الضوء الاخضر لممارسة التقتيل والارهاب. فهو يدعو المجمتع الدولي لتقديم المساعدة التقنية والمالية إليها. والي تزويد منظمات المجتمع المدنى، والتى تقع تحت السيطرة الكاملة للنظام، ببرامج المساعدة التقنية.
بدون منظات مجتمع مدنى متخصصة وقوية سيستمر النظام فى انتهاكاته وسيجد كل الدعم والتايد من المجتمع الدولي بحجة الحد من الهجرة. وفى غياب منظمات المجتمع ستحاول الاحزاب السياسية ملء هذا الفراغ بغرض تسويق نفسها برامجيا..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق