6th of April 1985 in Sudan

6th of April 1985 in Sudan

سودانيات

سودانيات هو منبري لمناقشة ومعالجة قضايا السودان مع السودانيين ومن هو قادر على فهم اللغة العربية. وما أطرحه من رأى على هذا المنبر هو رأى أنا شخصيا لايمكن أن يحاسب عليه أحد آخر. أما مبادئ المنبر فإنها تقوم على حرية الرأى،إحترام الرأى الآخر، الموضوعية، تحرى الدقة وتقصى الحقائق.

الأحد، 22 أغسطس 2010

العداء أبوبكر كاكى يرفع إسم السودان عالياً


ابوبكر شاب مهذب ومتواضع تري فى عيونه وفى ملامحه طيبة أهلنا فى دارفور. حمل إسم السودان فى قلبه وفى زيه الرياضى وتوشح علمه كلما كان أول من لامس صدره خط النهاية فى مضامير السباق العالمية. سعدنا بإختياره لمدينة استوكهولم للتدريب والإستعداد البدنى والزهنى للمنافسات العالمية منذ عام 2008. وكان لوجوده بيننا هنا فى السويد دورا كبيرا فى التعريف بالسودان ورفع أسهم السودان فى وقت تدنت فيه سمعت السودان بسبب الصراع الدائر فى السودان.

حادثتان لهما علاقة مباشرة مع كاكى ورفع علم السودان. الأولى كانت فى يوليو عام 2008 خلال بطولة الدايموند ليق بإستاد إستوكهولم. حشدنا لتلك البطولة جمع غفير من السودانيين رجال ونساء واطفال للوقوف خلف كاكى. كانت الدواخل والمشاعر تتجه لمساندة ابوبكر فى رفع راية السودان فى ذلك اليوم. ولإضفاء المزيد من طعم "السودانية" على ذلك اليوم أصر بعض من الإخوة على إرتداء الجلابية، اما " التوب السودانى" فقد كنا متأكدين من حضوره. ولكى تكتمل الصورة كان لابد من توزيع علم السودان على المشجعين الذى كان عددهم يزيد عن الاربعين فردا. بحثنا فى المتاجر المتخصصة فى تصنيع وبيع الأعلام بأسواق مدينة استكهولم إلا أننا لم نجد علم السودان لديها. ومع إقتراب مواعيد السباق وإزدياد الإصرار على رفع علم السودان بادر أحد الأخوة بشراء قماش بألون السودان الأربعة و خياطة نسخ كافية لرفعها فى ذلك اليوم. وبالفعل فاز ابوبكر كاكى وأحرز زملائه اسماعيل، رباح ونوال نتائج مشرفة أدت لرفع اسم وعلم السودان.

أما الحادثة الثانية فكانت خلال بطولة الدايموند ليق الأخيرة والتى أقيمت فى مدينة استوكهولم وعلى نفس الإستاد فى يوم الجمعة السابع من أغسطس 2010. ما حدث فى ذلك اليوم رواه لى الأخ محمد النعمان، أحد الأخوة المهتمين بدعم ومساندة فريق العاب القوى السودانى. لم أحضر تلك المنافسة بسبب مناسبة إجتماعية طارئة. يروى النعمان أنه شاهد غياب علم السودان بين الأعلام المرفوعة عند مدخل الإستاد والتى تمثل الدول المشاركة فى المنافسة. وطالما يشارك كاكى بإسم السودان فلابد أن يرفع علم السودان. لم يتردد النعمان فذهب وبصحبته أحد المسؤلين ببعثة السودان الدبلوماسية إلىى منظمىى المنافسة واستفسر عن غياب علم السودان عند مدخل الإستاذ. إعتذر المنظمون عن تقصيرهم وبعد مرور دقائق معدودات كان علم السودان يرفرف عند المدخل.

كاكى شاب يقاتل لوحده تساعده دعوات أمه وأبيه. فهو يسألهما الدعاء دوما كلما إتصل بهما هاتفيا ليطمنهما على أحواله. وهو يعسكر فى داخلية لمدرسة ثانوية رياضية فى ضاحية هادئة شمال مدينة إستوكهولم. وهو يسير على برنامج وروتين صارم فيما يتعلق بالتمرين والتدريب تحت قيادة مدربه الأمريكى الجنسية الصومالى الأصل جامع وشقيقه إبراهيم. يبداء كاكى تمرينه اليومى عند الصباح الباكر وينهى فترة تمارينه الأولى عند منتصف النهار ليبداء الفترة الثانية عند الخامسة مساء وتنتهى عند السابعة مساء. إصطحبته والأخ النعمان فى جولة سياحية فى مدينة إستوكهولم عقب نهاية فترة تمارينه الثانية. وعند مقادرتنا المعسكر بدقائق اتصل به "الكوتش" ليأمره بالرجوع للمعسكر قبل العاشرة والنصف مساء حتى يستطيع النهوض باكرا للتمرين. مازحناه بأننا لن نذهب به لحفل ساهر فأجاب بدلوماسية بأن لجنة فحص المنشطات قد تزوره فى المعسكر لأخذ عينة للفحص وإن لم يجدوه قد يعتبر ذلك تهربا من اللجنة.

كاكى شاب ينافس فى ظروف صعبة دون دعم ومساندة من الجهات المسؤلة الحكومية والرياضية والإعلامية . حتى الأحوال المناخية فى السودان تشكل عقبة للتمرين والتدريب.فالعدائين الأثيوبين على سبيل المثال يتدربون على إرتفاع يفوق الألف متر فوق سطح البحر على الهضبة الأثيوبية حيث تكثر نسبة الأكسجين مقارنة بمنخفضات السودان. أما منافسي كاكى من العدائين الكينيين فهم يعدون ويتدربون فى شوارع نيروبى والتى تعنى بلغة قبيلة الماساى "مكان الموية الباردة" نسبة لإعتدال الطقس فيها. أما بعضا من المنافسات الكينية فتقام فى الحظائر المفتوحة على سفح جبل كيليمانجارو وفى سهول حظيرة ماساى مارا. ورغما عن حرارة الطقس فى السودان وشمسه الحارقة ورياحه الترابية التى تكتم النفس فقد قهر كاكى منافسيه من سكان الهضبة، وبلد الأخدود وبلاد العم سام وأوربا. فقد كافح فى الحفاظ على مواظبة التمرين رغم سخونة الجو ليقطع مسافة لاتقل عن خمسة وأربعين كيلومترا فى اليوم وهى المسافة من جبل أولياء الى أرض المعسكرات. أما المضمار الذى يتمرن عليه فهو بالسوء الكافى للإصابة الجسمانية بسبب الحفر وعدم إستواء أرضيته. وهو ما أكده أحد مستشاري كاكى لازال فى بداية طريقه الرياضى والسودان موعود بالذكر إسمه فى محافل رياضية كثيرة، عالمية وقارية. قدم كاكى للسودان أربعة ميداليات ذهبية فى منافسات عالمية كبرى آخرها كان فى الدوحة فى بطولة العالم الثالثة عشر لألعاب القوى داخل الصالات. ولاكنه لم يجد الأهتمام والدعم والرعاية اللازمة لتحقيق المزيد من الإنتصارات. فهناك دول كثيرة وعلى رأسها بعض الدول الخليجية تريد لكاكى أن ينافس تحت رايتها وحاولت أن تغريه بملايين الدولارات للعب بإسمها. ولكنه رفض وسكت عن عجز الجهات المسؤلة ليواصل مسيرته تحت راية السودان. وعندما فشلت فى إغراء كاكى إتجهت لشراء مدربه جامع. عندما قابلت جامع بعد فوز كاكى فى بطولة دى إن جالان للصالات المغلقة إشتكى لى الرجل عن الإهمال وعدم الرعاية به وبفريقه. تحدث بمرارة عن عن معاناته ومعانات فريقه فى الترحيل والسكن وإنعدام أبسط مقومات التدريب. لم أندهش لخبر تعاقده مع دولة قطر لتدريب فريقها القومى لألعاب القوى. أما جامع ومعرفته بمقدرات كاكى فى مضمار السباق فقد أصر على مواصلة الطريق معه ولازال مدربا لكاكى.

أعاد كاكى لألعاب القوى السودانية بعضا من الأمل بمدالياته وإنجازته الفردية . وبذلك تكون ألعاب القوى هى الوحيدة التى وضعت السودان فى المحافل الدولية الرياضية . وهو ماعجزت عنه إتحادات كرة القدم، والكرة الطائرة، كرة السلة، السباحة إلخ...واقع الحال يقول أن كل ماصرفه السودان فى دعم كرة القدم ضاع معظمه هباء إن لم يكن جله. أما آن الآن لدعم قطاع ألعاب القوى، لأن فى السودان ألف كاكى على حد تعبير المستشار الفنى لإتحاد القوى السودانى والذى حضر لمؤازة كاكى قبل إسبوعين.

أعطوا الفرصة لكاكى لمقابلة الشباب من خلال أجهزة الإعلام وزيارة الأندية والمدارس لتشجيعهم على إبراز مواهبم ومقدراتهم . وعلى وزارة الشباب والرياضة ووزارة التربية والتعليم إلى الإلتفات لألعاب القوى فهى منفذا للشباب لبناء أجسام صحية وقوية بدلا من المخدرات والخمور. وإن كانت السياسة قد باعدت بين أبناء السودان فقد تكون الرياضة هى مايقرب ويوحد أبنأه.

دعوتى لكم للوقوف مع أبوبكر خميس كاكى وهو يخوض المرحلة الأخيرة من الدايموند ليق بمدينة بروكسل يوم 27 أغسطس. شاهدت كاكى خلال تمرينه اليومى بضاحية سولينتونا وكله أصرار وعزيمة لفوز وإهداء النصر للسودان.

سيف اليزل سعد
استوكهولم ـ السويد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق