6th of April 1985 in Sudan

6th of April 1985 in Sudan

سودانيات

سودانيات هو منبري لمناقشة ومعالجة قضايا السودان مع السودانيين ومن هو قادر على فهم اللغة العربية. وما أطرحه من رأى على هذا المنبر هو رأى أنا شخصيا لايمكن أن يحاسب عليه أحد آخر. أما مبادئ المنبر فإنها تقوم على حرية الرأى،إحترام الرأى الآخر، الموضوعية، تحرى الدقة وتقصى الحقائق.

الخميس، 30 ديسمبر 2010

ما قبل الطوفــــــــــان




تشهد ضواحى العاصمة المثلثة عمليات تهجير قسرية لأبناء جنوب السودان قبيل أيام من بداية الإستفتاء على مصير الجنوب. فقد إمتلأت الساحات بأكوام من عفش ومستلزمات الأسر الفقيرة فى إنتظار ترحيلهم إلى أقرب نقطة حدودية فى الجنوب. وتتم هذه العملية القسرية بطريقة مشابهة لما حدث فى رواندا قبل أيام من بداية التصفية العرقية التى حدثت هناك. فالجنوبيون يرغمون فى ترك منازلهم وعملهم فى الشمال والسفر إلى مصير مجهول تحت تهديد من بعض عناصر الحركة الشعبية. الطريقة التى يتم بها ترحيل هؤلاء الناس سوف تؤدى حتما إلى مزيد من عدم الإستقرار فى الجنوب. فالوضع أساسا فى تدهور فى العديد من مدن الجنوب ولا يستحمل إستيعاب هؤلاءِ الأسر. كل واحد منهم يحكى لك عن ألم الفراق وعن مصير مجهول قد يؤدى بحياته وحياة أسرته.
كل هذا يتم تحت سمع وبصر الأمم المتحدة بل و بتمويل منها.

الاثنين، 13 ديسمبر 2010

ياسلااااااااام ربنا يساعد ويبارك



تُعجِبُونى مقدرة أهلنا فى السودان فى البحث عن حياة كريمة وشريفة. هذا الشاب من أهلنا فى الدمازين يعيش على شحن الموبايل للذين ليست لهم كهرباء من المزارعين والرعاة بالإضافة لبيع رصيد التيلفون. ياسلااااااااام ربنا يساعد ويبارك.

الأربعاء، 8 ديسمبر 2010

جلد النسوان فى السودان



وهل هذه هى المعاملة التى يقبلُها السودانُ والسوانيون للنساءِ فى هذا البلد الذى طفحَ فيهِ الكيلُ الذُبىّ من فساد الساسة والمسؤلين. أو ليست هذه هى المعاملة التى من أجلها قرر الجنُوبيون الإنفصال؟ وهل من شهِدَ عذاب وتعذيب هذه المرأة هم من المؤمنين؟
إنا لله وإنا إليه راجعون

الأحد، 5 ديسمبر 2010

كافتريا اليوناميس والإحتلال الأجنبي للســودان



كافتريا اليوناميس والإحتلال الأجنبي للســودان
فى اللقاء الأخير للبشير والذى بثته أجهزة الحكومة الإعلامية من تلفاز وراديو وصحف أصرّ البشير على التعامل مع المجتمع الدولى ومنظماته من منطلق حليفة السماسرة فى زريبة البهائم. فعلى حسب رواية الريس أنه تناهى إلى سمعه أن بعض المنظمات الدولية قد صرحت بأنها ليست فى حوجة لتصريح من الجهات الرسمية لممارسة نشاطها فى السودان. ده الكلام أو الشمار الذى وصل السيد الرئيس. فما كان من الرجل إلا أن يقابل الشمار بالشمار. لكن هذه المرة بدون طلاق. كمكم الرجل كم جلابيته ونقر على المنصة بمقدم سبابته وصرح: أنا قلت ليهم أية منظمة ماتلتزم بالقرار يرجوعهم لبلدهم خلال أربعة وعشرين ساعة. جاء هذا الكلام فى سياق حديث الرئيس عن التآمر الدولى على السودان وضرورة الحفاظ على كرامة البلد. طبعا ده مبدأ مهم و أساسى و لا خلاف عليه. لكن منو الجاب البلاوى والمحن للســودان وللســودانيين؟ منو الحلف بالطلاق بمنع دخول القوات الدولية للسودان؟ ومنو الخرب البيوت فى دارفور وكان وراء الأسباب التى أدت لدخول هذة المنظمات لتقديم جرعة الموية والدواء للنازحين الذين شردتهم الحرب؟

حقيقة ما كنت عارف حجم القوات الدولية و المنظمات الأجنبية فى السودان إلا بعد زيارتى لمكتب وكافتريا اليوناميس فى الخرطوم ومناطق أخرى فى السودان. والحقيقة التى توصلت لها بعد عدة أسابيع من البحث هى أن إنتشار القوات الدولية فى مناطق النزاع فى السودان أكبر بكتثير من إنتشار الجيش السودانى ذات نفسه. وأن ماتقدمه المنظمات الدولية فى هذه المناطق هو البديل لعدم مقدرة الحكومة لتقديم أبسط إحتياجات المواطن من تعليم وصحة وماء وزراعة. فى السودان هناك بعثتين للأمم المتحدة الأولى هى اليوناميس ( بعثة الأمم المتحدة فى السودان) والثانية هى اليوناميد ( بعثة الأمم المتحدة فى دارفور). حسب القرار رقم 1590 الصادر من الأمم المتحدة هو أن لا يتجاوز تعداد القوة العسكرية لقوات الأمم المتحدة اليوناميس 10000 عسكرى. لكن الواقع يقول أن تعداد هذه القوة هو 10592. فى كل يوم فى الكافتريا كنت بشوف طباط وجنود من أربعة دول أجنبية على الأقل. وعلشان عملية الحصر ما تتلخبط عليى كنت بسجل إسم الدولة فى دفتر صغير. لكن ده طبعا دى ماطريقة علمية وعملية للحصر. حسب الأرقام والحقائق الصادرة من اليوناميس فإن الدول المشاركة بقوات عسكرية هى:
الاتحاد الروسي، والأردن، وإسبانيا، وأستراليا، وإكوادور، وألمانيا، وإندونيسيا، وأوغندا، وأوكرانيا، وإيران، وباراغواي، وباكستان، والبرازيل، وبلجيكا، وبنغلاديش، وبنن، وبولندا، وبوليفيا، وبيرو، وتايلند، وتركيا، وتنزانيا، وجامايكا، والدانمرك، ورواندا، ورومانيا، وزاميبيا، وزمبابوي، والسلفادور، والسويد، وسويسرا، وسيراليون، والصين، وغواتيمالا، وغينيا، والفلبين، وفنلندا، وفيجي، وقطر، وقيرغيزستان، وكرواتيا، وكمبوديا، وكندا، وكينيا، ومصر، والمغرب، وملاوي، والمملكة المتحدة، ومنغوليا، ومولدوفا، وناميبيا، والنرويج، ونيبال، والنيجر، ونيوزيلندا، والهند، وهولندا، واليابان، واليمن، واليونان

أما بالنسبة لإنتشار قوات اليوناميد فى أقليم دارفور وتعدادها الرجاء مراجعة الخارطة أدناه فى هذا الرابط:
http://www.un.org/Depts/Cartographic/map/dpko/unamid.pdf

دى فقط الدول المشاركة بقوات عسكرية. هناك لستة قدر دى للدول المشاركة بقوات شرطة. وده فقط الوجود العسكري لليوناميس. يعنى بإختصار كده السودان بقى حقل تجارب عسكرية. وأصبح الكلام عن أمن السـودان وسلامته كلام خارم بارم ســـاي زى ما بيقولوا أهلنا فى السودان. هل فى إحتلال أجنبى للبلد أكتر من كده؟ وهل فى بيع للسودان أكتر من كده؟

الصورة لإحدى المطارات فى جنوب كردفان

الخميس، 2 ديسمبر 2010

تدنى الخدمات وتدهور مطار الخرطوم كالضرب على الميت



فى ظل هذه الظروف العصيبة التى يمر بها السودان، يصبح الحديث عن تدنى الخدمات وتدهور مطار الخرطوم كالضرب على الميت. وعلى الرغم من أننى حاولت كبح جماح نفسى من عدم التفكير فى هذا الموضوع إلا أنه ظل هاجسا يوميا أبى أن يفارق تفكيرى لذا قررت تسطير هذه السطور على عجالة ودعمها ببعض الصور التى التقطتها لمطار الخرطوم الدولى رغم التحريم والحظر المفروض فى السودان. فقد تكون الصورة أبلغ من مليون كلمة. قبيل كتابة هذه السطور قمت ببحث بسيط فى جوجل وكتبت العذاب فى مطار الخرطوم. نتيجة البحث كانت كافية للوصول لمحصلة ما لميتٍ بِجُرحٍ إيلامُ. اللستة طويلة من تهريب أطفال وسقوط طائرات وضياع عفش وبهدلة.
وصف أحد زملائى فى العمل مطار الخرطوم:
I'm at the airport now with an hour delay so just hope I will connect
in Frankfurt. This airport is probably at the bottom 2 or 3 that I have
seen! Looks more like a remote bus station.....
طبعا الكلام ده ما بحرك شعرة فى راس مسؤل سودانى وما أظن إنو خطر فى راس أى مسؤل فى المطار تطوير وتحسين خدمات المسافرين.

وطبعاً البهدلة دى لايفلت منها أحد. فالمعاملة فى مطار الخرطوم لاتفرق بين الطفل أو المرأة بين المعاق والغير معاق بين الضيف وأهل البلد بين الأمى والقارئ أو بين الشاب والعجوز . كله عن ناس مطار الخرطوم واحد. فما يلقاه حجاج بيت الله الحرام من معاملة سيئة فى مطار الخرطوم، على الرغم من تخصيص صالة لهم لوحدهم، لايغفرها إلا صبر الحجاج على حجيجهم ورغبتهم فى تلبية نداء ربهم. هذا على الرغم من من أن الغالبية العظمى دفعت رسوم وتكلفة الحج البالغة ٨ مليون جنيه للحاج الواحد. القروش دى مشت وين الله يعلم. ذهبت لوداع والد صديقى وبعض الأصدقاء الحجاج فى صالة الحجاج فأصابنى الإستياء من سؤ المعاملة والإهانة التى يتعرض لها الحجاج وأهاليهم من المودعين. عدم وجود معلومات، الطائرة السودانية مامعروف ح طير ولا لا، كافتريا بخدمات سيئة وأسعار سياحية، حمامات غير صحية، واللستة طويلة.
أما مكتب تسجيل الأجانب فده فيلم لوحده. أولاً تدفع رسوم التسجيل البالغة ١٢٥ جنيه وإذا طالبت إيصال الدفع الموظف يحدر ليك عشرة عشرة. ولو أصريت على الإيصال يديك إيصال ب ٩٨ جنيه وبس. مافى نظام الناس كلها محشورة أمام شباك طوله متر ونص والعساكر والضباط مستمتعين بعذاب. واحد مواطن غلبته الحالة وإحتجّ جابو ليهو عسكرى علشان يسكتو.
مدة إنتظارى طالت وقلت أمشى الحمام لقضاء الحاجة. سألت واحد من الموظفين عن أقرب حمام دلانى على حمام فى صالة المودعين. وده الحمام الموجود فى الصورة أعلاه ويقع مباشرة خلف الكافتريا الموجودة فى صالة المودعين. الحمام ليهو شهر بالحالة دى وما أظن تكون تمت صيانته حتى هذه اللحظة - الصورة دى كانت يوم ٦ نوفمبر. حسب المعلومة التى تحصلت عليها إنو أقرب حمام هو حمام الجامع الواقع بين صالة الوصول والمغادرة.
وحرصاً من سلطات الطيران المدنى على طبيق إجراءات السلامة فهناك جهازين لكشف المعادن المسافة بينهم ٧ أمتار وفى كل جهاز تلاتة موظفين. الجهازين ديل تلقاهم بعد الجوازات مباشرة. ده غير الموجود عند المدخل. طبعاً انحنا السودانيين عندنا حجاتنا برانا ذى الجاهزين ديل. أما كافتريا صالة المغادرة وكراسيها فزى كافتريا النشاط فى الجامعات السودانية.
لاتستغرب إن كان البص البياخدك من الصالة للطائرة مكتوب عليهو شركة مواصلات مديرية الخرطوم. آى واح من البصات الصينية الجديدة التى صممت لركاب وشوارع المدن لكن عندنا انحنا برضو ممكن تشتغل فى المطار.
أما صالة الوصول فتحكى تماما عن الحالة التى يعيشها السودان، لا واجهة، لا معاملة، لا نظام، لا مسؤلية، لا نظافة، لا خدمات. أما شركة زين للإتصالات فقررت تشويه صالة المستقبلين بإعلاناتها وكأن السودان يفتقر للمصميمين والفنانين لوضع اللمسات الجمالية لصالات مطار الخرطوم.
الحديث يطول عن تدهور مطار الخرطوم وإحتمال يجى واحد يقولى ما السلطات بتبنى فى مطار جديد. لكن حتى الجديد عندنا منتهى.

الأربعاء، 24 نوفمبر 2010

أبيى قنبلة السودان الموقتة



صورة الخارطة المرفقة أعلاه توضح نوعية وتواجد المياه فى ولاية جنوب كردفان، اللون الاصفر الفاتح يرمز لمناطق صخرية خالية من المياه. أما اللونين الازرق الفاتح والغامغ فهى مناطق مياه جيدة الى عالية الجودة. تقع أبيى فى الجهة الجنوبية الغربية من ولاية جنوب كردفان وكما موضح فى الخارطة فهى منطقة ذات مياه متوفرة وعالية الجودة. لا نتحدث هنا عن بحيرة البترول تحت أراضى أبيى. فحسب حسابات الخبراء الذين قابلتهم فإن أبيى هى تانى اكبر مخزون للبترول فى افريقيا. نرجع لموضوع المياه. تعتبر هذه المنطقة مهمة لقبائل السودان الغربية والتى تترحل من الشمال للجنوب بحثا عن المياه بعد إنتهاء موسم الامطار.

ملف المنطقة يدار بسرية تامة قد تكون سببا فى صراع مسلح جديد أكبر من مستوى الصراع الذى نشب بين الجيش والحركة الشعبية والذى أدى الى تحويل المدنية الى رماد فى قبل بضع سنوات بعد توقيع اتفاقية السلام الشامل فعلى الرغم من إنتهاء التعداد السكانى لولاية جنوب كردفان إلا أن النتائج لم تعلن بعد. مصير أبيى يتوقف على إعلان نتائج التعداد السكانى وبالذات على مشاركة قبيلة المسيرية فى إستفتاء أبيى. وهو ماترفضه الحركة الشعبية خوفا من الكثرة العددية للمسيرية وبالتالى تبعية منطقة أبيى المتنازع عليها للشمال. آخر تصريح لباقان أموم هو أنه وفى حالة عدم الوصول إلى صيغة حل مع المؤتمر الوطنى حول إستفتاء أبيى فإن للحركة الشعبية خيارات عديدة سوف يتم الأعلان عنها فى حينها. زيارة البشير الى آديس أبابا أول أمس هو محاولة للخروج من ورطة أبيى.

الأربعاء، 3 نوفمبر 2010

هل يعى السودان والسودانيون مصير بلد المليون ميل مربع؟


كادوقلى عروس جبال النوبة
مدينة يتماذج فيها السودانيون بإيقاع منسجم إلا أن ساسة أبوا إلا ان يدمروا هذا التماذج
فى منزل هارون كوكو تجد شجر النبق واللالوب، الدليب، الدوم، الحميض والكركدى،،
هل يعى السودان والسودانيون مصير بلد المليون ميل مربع؟

الخميس، 30 سبتمبر 2010

حديث السجم وأهله

د. عبد الله محمد قسم السيد
شهد هذا الأسبوع ثلاث أحداث يندي لها الجبين من وزراء هذا النظام المتحكم في رقاب الشعب السوداني طيلة الواحد وعشرون عاما الماضية لأسباب لم تعد خافية على المتابع لمسيرة المعارضة السياسية خلال كل تلك الفترة. الحدث الأول إرتبط بوزير الإعلام والذي أعلن بعدم تقديم أي خدمات صحية لأي جنوبي في الشمال إذا ما أدى التصويت في الإستفتاء إلى إنفصال الجنوب وهو حديث بلا شك يعكس الروح الشريرة التي تسكن هذا الوزير ومن معه والتي لا تخفي الشر الذي تنوي القيام به لأخوة شاركونا وشاركناهم هم الوطن وحبه لأكثر من مئة عام حين خف أجدادهم للإلتحاق بثورة التحرير الأولى ومدها بالدعم المادي والمعنوي حتى تحررت وظلوا يشكلون نواة للثورات طيلة فترة الحكم الثنائي البغيض الأولى ولم تنل قناتهم. لا أدري على أي أمر إستند هذا الوزير الذي يبدو أنه جاهل بكل ما حوله من أعراف وتقاليد سودانية متجزرة في تراثه وجاهل تماما بما يقول به الدين الأسلامي الذي يأمرنا بعكس هذا التصريح تماما على الرغم من أن نظامه السياسي يدعي بأنه منقذ البشرية والقائمين عليه رسل الهداية والعناية الإلهية وممثلي الرشد والرشاد في العفة والرحمة والمساعدة. كما يؤكد الوزير على جهله التام بالأعراف الدولية التي تمنح أي إنسان دون اعتبار لدينه ووطنه ولونه وثقافته حق العلاج ويناقض كلية بهذا التصريح قسم رسل الرحمة الذي يؤديه الأطباء عند تخرجهم والإلتحاق بالعمل الطبي. ولكن هل كان فعلا هذا التصريح غريبا على مسئول في هذا النظام البائس الذي أثبت حقا لا مبالاة الشارع السوداني وقيادة المعارضة في الإطاحة به؟؟ لا ليس غريبا ألم يمنع كل مريض من تناول العلاج حتى يقوم بدفع قيمة علاجه مقدما أو جزءا منه حتى لو كان المريض جاء إلى المستشفى إثر حادث حركة!!!! ألم ترفض مستشفيات النظام تسليم الجثث إلى أهلها حتى في المستشفيات العامة حتى يقوموا أهل المتوفى بدفع ما عليهم من باقي نفقات العلاج؟؟؟ لقد حاول بعض المنتمين إلى هذا النظام تبرير قول هذا الوزير وتفسير كلامه بغير ما وضح منه بإعتبار أنه يقصد تشجيع عدم التصويت للإنفصال ولكن من الذي دعا أساسا الى هذا الإنفصال ألم يكن هم أنفسهم في عام 1992م بألمانيا؟؟ ألم يفرضوا على هذا الجنوبي أن يدعو للإنفصال معهم بعد حرب سموها جهادية قضت على الأخضر واليابس ليس في الجنوب فقط وإنما في غرب السودان حيث الكل مسلم وأكثر تقوى وتقربا الى الله وتراجعوا عنها خوفا وهلعا من الكافر الملحد الأمريكي والأوروبي. إذن ما يأتي من أمثال هذا الوزير وغيره ليس غريبا عليه ولكن الغريب حقا أن يتحمله الشعب السوداني واحد وعشرون عاما جافة كجفاف عقله من الأخلاق والإنسانية.



أما الحدث الثاني والذي لا يقل تفاهة وتجردا من الأدب من سابقه صدر عن وزير الخارجية للنظام الحاكم حين وصف قيادات لها مكانتها وإسهاماتها مهما كان الإتفاق أو الإختلاف حولها، بالسجمانين !!!! هل لأنهم تركوه 21 عاما يسرح ويمرح في السودان وشعبه يعمل ما يراه فيهم ظلما وتنكيلا؟؟؟؟!!! هل لأنهم وأتباعهم تركوه ونظامه كل هذه الفترة ولم يقفز أحدهم حاملا ما يقطع به لسانه؟؟؟؟؟ نعم لم يكن أحد يتصور أن تسكت المعارضة كل هذا الوقت وهي ترى الفساد يعم في البر والبحر وترى السودان تؤكل أطرافه خوفا وهلعا من جيران لا يعرفون غير العين الحمراء. ولكنه لم يكن يقصد هذا ولا ذاك فهو يصفهم بذلك لأنهم كما قال متبجحا "أعطيناهم اموال للمشاركة في الإنتخابات، وما حدث هو أنهم كانوا يأخذون الأموال منا في الليل، ويهاجمون الإنقاذ في الصحف صباح اليوم التالي.". ما هذه الأموال التي أعطيتموهم إياها هل هي ملكا للوزير أو نظامه؟؟ إنها ليست كذلك وإنما أموال صادرتموها من أحزابهم وتماطلتم في إرحاعها لهم حتى آخر يوم للأنتخابات الفاجعة وقد أوضحوا ذلك للشعب مباشرة وهو يعرفهم ويشهد لهم بالعفة والنزاهة والأمانة كما وأنهم ليسو بآكلي الحرام ولا المفسدين في الأرض كما ظهر من تنابلة السلطان في الزمن السئ والسلطان الفاسد. تقرير المراجع العام من عام 1990م وحتى 2009م تؤكد مدى الفساد الذي أصاب القطاع المالي حين أوردت تلك التقارير حجم الأموال التي نهبتموها من الدولة والتي وصلت إلى ما يقرب من 120 مليار دولار كما كشفت بعض الدراسات أنه لدى الإسلاميين ممن ينتمون إلى هذا النظام 49 مليار دولار مستثمرة في ماليزيا وبعض دول الجوار بجانب البضائع المعفية من الجمارك والتي بلغت 52 % من جملة عائدات الجمارك تحت مسمى تشجيع الاستثمار كان من بينها مبلغ 50 مليار ذهبت لمطاعم وكافتريات يملكها أجانب لهم صلات فاسدة بنظام الانقاذ الفاسد وبلغت جملة ماضاع من خزينة لدولة 126 مليار دينار في خمسة أعوام فقط ومعظم هذه الاعفاءات ذهبت لمن هم بالسلطة وأقاربهم لتحقيق مكاسب شخصية. ليس هذا فحسب فالتطورات الأخيرة والتي تشير إلى بيع مشروع الجزيرة لا تعكس فقط خيبة النظام وفساده وخنوعه وزلته للدوائر الإقليمية والدولية بل تؤكد على خيبتنا نحن السودانيون إذا سكتنا على هذا العبث والفساد

أما الحدث الثالث فهو مطالبة على عثمان صندوق النقد الدولي إعفاء 38 مليار دولار هي ديون السودان . فأين ذهبت هذه الأموال بجانب أموال البترول منذ عام 199م هل تم صرفها على الحرب الجهادية في الجنوب؟؟؟؟؟ أم تم إستثمارها في بلدان خارجية؟؟؟ وقبل أن نعرف موافقة البنك الدولي رفضا أو إيجابا وهو من المستحيلات فليوضح لنا وزراء المالية المتعاقبون بنود صرفها حتى لو كان في الحرب الخاسرة أما إذا كانت في ماليزيا أو في الدول المجاورة فلابد من إرجاعها بعد تحديد أصحابها وكيف تحصلوا عليها.؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

الاثنين، 27 سبتمبر 2010

لك الله يا سوداننا من ظلم المنافقين

د. عبد الله محمد قسم السيد السويد

تتكشف يوما بعد الآخر ورطة حكم الإنقاذ وعجزهم عن التوقف والإستمرار في تقسيم السودان بعد أن قاموا بتمزيق نسيجه الإجتماعي ونشر الفساد بمختلف أنواعه في كل أقاليمه وبيع مؤسساته في قطاعاته المختلفة في الزراعة والتعليم والصحة وغيرها من المرافق الخدمية. تم كل ذلك من خلال مجموعة صغيرة ترأسها بداية الترابي وعمل على تمكينها بمختلف الوسائل لينضم إليها شذاذ الأفاق ومصاصي الدماء من الذين اعتادوا على الجرائم وأكل المال الحرام ليحرسوا الطامعين في السلطة والجاه. ثم بعد أن تكشفت الحقيقة للترابي وأراد إصلاحا لم يكن ذلك ممكنا له بعد أن تشبع أتباعه بجاه السلطة وإغراءآتها وسطوتها كما ذكر في مناسبات كثيرة. فقد كانت قوة أتباعه من الدرجة التي مكنتهم من طرده منها والزج به في السجن فرجع وتاب وندم أيما ندم ليس فقط لأنه افتقد السلطة فقط وإنما شعوره بأنه قام بتدمير كل ما بناه بهدف تأسيس كيان إسلامي يطمح من خلاله إعادة بناء مجد للإسلام في أرض السودان. واصل علي عثمان محمد طه بعد إنقلابه على زعيمه وولي نعمته بعد الله مدفوحا بالطموح السياسي دون بوصلة تهديه فتخبط كثيرا وانبطح أيما انبطاح في وجه من كان يدعي بأنه أعد العدة لها بدنو عذابها وفنائها على يديه. فكان إنبطاحه توسل لها أمام المجتمع الدولي وإعترافا منه بأنه قد نفذ بكل جد واجتهاد كل ما كان يطلب منه من قبل المخابرات الأمريكية. فهو يقول في آخر خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة حاثا امريكا معاونتها على الوفاء بإلتزام نظامه على تحقيق الأهداف التي ظهرت جليا وقع عليها والتي ترمي إلى تفتيت السودان وتمزقه حين يقول "وإننا نُرحب بقلبٍ وعقلٍ مفتوحين بكافة الجهود التي يمكن أن تُبذل لمعاونتنا على الوفاء بإلتزاماتنا وتحقيق تلك الأهداف السامية" فما هي هذه الأهداف السامية التي عمل نظام الإنقاذ على تحقيقها والوصول إليها كما وضح الآن بعد 21 عاما من الحكم. أليست هي تمكين الجهوية والقبلية وزيادة التنافر وتعميق الاحتقان بين أبناء السودان حتى داخل كل أسرة بجانب تشوه سمعة السودان وإنسانه. أليست هي بيع وخصخصة كل مشاريع ومؤسسات الدولة ليس لتمكين الموالين لهم من أصحاب الولاء للخداع والنفاق وإنما بيعها للدول الخارجية في شكل إستثمارات على حساب المواطن السوداني البسيط. أليست هي تدويل كل قضايا السودان والطلب لكل من هب ودب في التدخل في شئونه ومنع السودانيين أنفسهم من العمل على إيجاد مخرج وقد تم كل ذلك تحت الضغط الغربي خاصة امريكا وحلفائها في المنطقة. والتاريخ القريب يخبرنا كيف أن كل مبادرات حزب الأمة للحل السياسي الشامل منذ دعوة الصادق المهدي للجهاد المدني عام 1992م كانت تجد الرفض بل والإستهزاء من قبلهم في ضوء ضعف حزب الأمة العسكري وتجاهل قيادته لدوره الشعبي حتى جاءت اتفاقية نيفاشا عام 2005م وحزب الأمة هو الحزب الوحيد الذي رفضت الحكومة والحركة وتوابعها من أحزاب التجمع ومنظمة الإيقاد وشركائها وأصدقائها الذين لا تهمهم مصلحة السودان ولا ديموقراطيته ولا حرية الإنسان فيه بقدرما تهمهم مصالحهم الإقتصادية وسيطرة قيمهم الثقافية، من أن تكون له كلمة حولها. وانصاع حزب الأمة وقيادته لما خطط للسودان وتغييب الحزب رغم تركه يخاطب هنا وهناك ويرسل البيان تلو البيان. فالكل يعرف أنه سيكون كلاما تحمله الفضائيات ويسود الصحف ولن تكون له ردود فعل في الشارع السياسي ولا الجانب العسكري كما كان في السابق القريب والبعيد. يأتي صمت حزب الأمة وقبوله بما أرادته ثلة الإنقاذ في الوقت الذي تحكي كل بنود إتفاق نيفاشا الأساسية وتحمل ضمنيا فصل الجنوب لينشئ دولة أقل ما يمكن أن نقوله عنها أنها ستكون دولة معادية. فاتفاقية نيفاشا والتي أكدت على حق الجنوب في تقرير المصير كانت بضغط من واشنطن كما نعلم جميعا قد تم الإعداد له في مركز الدراسات الإستراتيجية في واشنطن. وأن بعض المنضمين من الباحثين في هذا المركز تمّ تعيينهم من قِبل هذه الدوائر كخبراء في الإيقاد, قاموا بكل هذا العمل الذي تم. وأن الحكومة قبلت بذلك بناءً علي سياسة الأمر الواقع لأن هناك ضغوطاً لا قِبل لها بها.

تصريحات علي عثمان في واشنطن هذا الأسبوع لم تخرج عن رفع المطالبة بمقاضات البشير ومحاكمته ولم تخرج عن تذكير أمريكا والغرب بما فعله نظام الإنقاذ في خدمتهم فيما يتعلق بمحاربة الإرهاب وأن نظام الإنقاذ قد وضع قاعدة جديدة في أفريقيا هي تقرير المصير وذلك لتفتيت دولها وفق عدد قبائلها ووفق عدد إثنياتها وثقافاتها مما يسهل معها التدخل في شئونها وتمزيقها ومن ثم احتلالها لتكون مزرعة ومنجما يخدم مصالحها الإقتصادية. يحكي كتاب السودان: دارفور وفشل دولة أفريقية للكاتب ريتشارد كوكيت الصادر عن مطبعة جامعة يل ولندن الشهر الماضي أغسطس 2010م عن الخدمات الجليلة التي قدمتها المخابرات السودانية كسجون للمخابرات الأمريكية السرية, والتعاون في مكافحة الإرهاب وتقديم كافة المعلومات عن المسلمين المشكوك فيهم من قبل المخابرات الأمريكية. للمزيد في هذا الجانب يمكن الرجوع الى الكتاب اعلاه في صفحاته من 96-211. هذا التعاون لم يعد سرا خاصة بعد أن صرح به مسؤول وكالة المخابرات الأمريكية بأن الهدف من استدعاء المخابرات السودانية وقيادتها الى واشنطون "يدور حوال عمل إستخباراتي لتحسين سلوك حكومة السودان, وحكومة الرئيس البشير استمعت ونفذت كثيراً من بنود هذا الحوار." (سودانايل 1\9\2010, نقلاً عن الشرق الأوسط, نقلاً الواشنطن بوست).



إذن لم يعد خافيا أن الهدف الذي تسعى له الإنقاذ طيلة الأعوام الأخيرة هو كيفية إنقاذ البشير من المحكمة الجنائية وليس إنقاذ الشعب السوداني من براثن الجهل والمرض والبؤس والشقاء. فلم يعد مهما وحدة السودان ولا وقف الحرب في دارفور وفي سبيل إنقاذ البشير الذي لن يتحقق مهما تنازلت الإنقاذ وأنبطحت أمام أمريكا والغرب، يضيع السودان وأهله خاصة أن دول الجوار الإقليمي فطنت لهذه اللعبة وبدأت تستخدمها في إبتزاز النظام ورموزه كما فعلت مصر للمتعافي وسرالختم فيما يتعلق بمشروع الجزيرة وما تعمله كينيا وأرتريا للتخلص من معارضيها من جيش الرب ومقاومة الإسلاميين الأرتريين.


Abdalla gasmelseed

الخميس، 16 سبتمبر 2010

صرخة في أذن المعارضة: الإنقاذ من التحرير للإنبطاج مشروع الجزيرة مثالا

جاء في الإستراتيجية القومية الشاملة 1992_2002م ص 7 من المجلد الأول أنها تهدف إلى:

تحقيق الأمن القومي الشامل وفق مرتكزات المشروع الحضاري للإنقاذ وتطوير قدرات السودان الإقتصادية وموجهات هذه الإستراتيجية تقوم على الآتي: التمسك بنهج الإسلام وتوخي العدالة والمساواة والإعتماد على النفس بجانب الإصلاح الإقتصادي وتحرير الإقتصاد الوطني. أما أهداف الإستراتيجية الشاملة فتتمثل في الآتي: القضاء على الفقر وإحداث تنمية متوازنة بجانب إخراج البلاد من قيود التبعية. وفي هذا الإتجاه خيل للكل أن الإنقاذ بعد إنقلابها المشئوم عام 1989م لتحقق ما أعلنت عنه ولكن لم يمر العام الأول إلا تأكد للكل بأنها بدأت بفرية ما زالت تؤمن بها لوحدها رغم معرفة السودانين جميعهم بأنها كذبة غبية يتبعها نفاق وذل وهوان للشعب. تلك الكذبة هي شعارهم تحرير السودان من الإعتماد على الغير للإعتماد على الذات فيما يتعلق بالمواد الغذائية والملبس والمركب وغيرها من متطلبات الحياة الكريمة ومنذ سنتها الأولى في الحكم تكشفت تلك الكذبة ولكنهم ما زالوا عبر الإعلام يبيعونها لنا صباحا ومساء من خلال ذلك الإعلام الفج وبرامجه الفارغة وصويحباته الأكثر فجاجة.

كانت أولى التوجهات بيع المؤسسات الإقتصادية ذات الغرض الإجتماعي في الدعم التنموي ثم فتحت أسواقها لتدخل إليها بضائع شرقي آسيا من الصين واندونيسيا وماليزيا عبر ما عرف في سياساتها بالتمكين لذوي الولاء والحظوة بتمويل كامل دون ضمانات من أموال الشعب في البنوك. فكانت النتيجة منافسة غير متكافئة بين المنتج المحلي المهمل في مدخلات الإنتاج والمستورد المدعوم بهدف التمكين. فتوقفت مصانع النسيج وغيرها من مصانع ليجد العاملون في المنطقة الصناعية ببحري أنفسهم بدون عمل ليتسكع أبناؤهم في الشوارع. وتسارعت فوضى الخصخصة للمؤسسات العامة حتى جاء قانون 2005م ليكمل سياسة الخصخصة من جانب آخر في الوطن ليدفع بآلاف الأسر إلى حظيرة الفقر والجوع وهو القانون الذي يراد به بيع مشروع الجزيرة دون أن يكون لأصحابه الحقيقيين أي صوت. كان التمكين في الماضي يتم لأهل الحظوة من عصابات الإنقاذ التي تمددت بإنتشار الفساد والإفساد ولكنه تمكين بهدف آخر تمتد جذوره لخارج السودان ليعانق " الأشقاء" أليسوا هم أول من رعا نظامهم الكسيح وما زالوا يركبون على ظهره في المحافل الإقليمية كي تتحقق لهم حقوقهم التاريخية والطبيعية في مياه النيل. لم تقف الحال على هذا فقط وإنما كان جشع "الأشقاء" أكبر وعينهم وقلوبهم تتجه لمشروع الجزيرة ليتفادوا العجز الغذائي المتوقع إثر حرائق مزارع القمح في روسيا. ولم لا فهؤلاء الهبل الطيبون في الخرطوم لا يعرفون غير مصالحهم الذاتية الضيقة وهاهو والي ولاية الجويرة بين ظهرانيهم ووزير الزراعة لا يتردد في عمل يجد من خلاله ما يريد فهو الذي دفع بكل مؤسسات ولايته للقطاع الخاص وشرد مئآت الآلاف من الأسر في الخرطوم ودفع بملايين النساء والأطفال لبيع الشاي في الطرقات وأخذ منهم جميعا الضريبة دون أن ترتجف له عين ويرق له قلب. أما رأس العصابة فهو أن لم يكن نائما كما قال مقدم برنامجنا الرياضي عقب مباراة الجزائر في الخرطوم، فهو لن يقول شيئا أمام زعيمنا الأوحد. والحال كذلك فليأت لنا هذا الوزير ويعقد الإتفاق معنا بخصوص إنتاج القمح وغيره في مشروع الجزيرة ثم بيع ما نريده من محاصيل بالسعر الذي يناسبنا.

تلك هي الصورة التي وضحت بعد توقيع الإتفاق ليتحول المزارعون بالمشروع في أعوام قليلة الي فلاحين ينتجون للغير ليموتون من الجوع والمرض والقهر. فقد وقّعت الحكومة السودانية كما جاء في الصحيفة المصرية الأهرام القاهرية 45198 بتاريخ الخامس من الشهر الجاري، إتفاقاً مع الحكومة المصرية يقضي بزراعة مليون فدان بمشروع الجزيرة أي حوالي 48% من مساحته الكلية. والمحاصيل الرئيسية المراد زراعتها هي القمح والذرة وبنجر السكر‏‏ لصالح بعض المستثمرين من شركات مصر‏، تم الإعداد لهذا الأمر من قبل الوالي السابق للجزيرة والسفير الحالي في مصر، الطيب سر الختم والدكتورعبد الحليم المتعافي والي الخرطوم السابق ووزير الزراعة والغابات السوداني الحالي والدكتور تيجاني صالح فضيل وزير التعاون الدولي السوداني على أن يبدأ التنفيذ لهذا المشروع في أكتوبر ‏ حيث يقوم المزارعون بعمليات الزراعة من إعداد للأرض وزراعتها وريها وحشها ثم حصادها لتخرجها بالمواصفات القياسية التي يطلبها المستثمر المصري والذي لم يبخل عليه الإتفاق أن يتمتع بالتمويل والتأمين سوداني من البنك المصري السوداني وإن لم تتحقق المواصفات اللازمة فإن القاون المتفق عليه يشير إلى بند جزائي يحدد فيه غرامة تصل إلى ‏25%‏ كتعويض للمستثمر المصري. هذا الخبر والذي لا أشك في صحته قد سبقه الكثير من الإتفاقات الثنائية المجحفة للسودان والمحققة دوما لمصالح مصر في السودان على حساب المواطن السوداني وعلى رأسها ما يعرف بالإتفاقيات الأربعة والتي لم ينفذ منها النظام المصري منها شئ بينما تم تنفيذها كاملة من قبل نظام الإنقاذ. ومع هذا الإجحاف والظلم الواقع على السودان وأهله لم نر رد فعل من الشارع السوداني ليوقف هذا النظام الفاسد المفسد ويمنعه من بيع أرض السودان وحرية إنسانه بعد أن أوصله إلى سقف الإنفصال.

ما هي الأسس التي يتم بها التوقيع على إتفاق بين الدول أليس للمجلس التشريعي دور يقوم به في تلك الحالات نعرف أن المجلس التشريعي جزء فاعل في فساد الإنقاذ ولا يقول إلا ما يريده شلة الإنقاذ التي لا تتعدى عدديتهم أصابع الرجلين وبالتالي لا نتوقع من ينتمي إليه القول بالحق والعمل من أجله ولكن أين الآخرون من خارج هذا النظام الفاسد والذين يسمون أنفسهم المهارضة لماذا يسكتون على ما يجري وإلى متى هذا النوم وهذه اللامبالاة وترك الحبل على القارب والتهاون في مواجهة هذا العصابه التي ما انفكت تأتي كل يوم بالأسوأ فيما يتعلق بالسودان وأهله. أين قيادة هذه الأحزاب وكيف يمكن تحريك جماهيرها لتلعب دورها المناط بها في الحفاظ على أرض السودان ومصالحه.



الجميع يعلم بأنه قد تم بيع سكك حديد الجزيرة وشبكة الاتصالات، والورش الهندسية، ومخازن المشروع في كل أقسامه ومكاتبه كما تم بيع مباني سكنية ومكاتب داخل المشروع وخارجه في السودان وخارج السودان. كذلك تم بيع محالج القطن في مارنجان والحصاحيصا والباقير وصوامع الغلال ومحطة أبحاث المشروع دون أن يكون للمذارع أي شئ منها على الرغم من أنها جميعا شيدت بجهده وعرقه وماله حيث كانت تقتطع منه إشهاماته في إنشائها كل عام. وبهذا الإتفاق مع الشركات المصرية وبرعاية حكومتها التي يفترض نظام الإنقاذ بأنه يحفظ وجود البشير وعصابته في السلطة والتحكم في رقاب السودانيين من جانب وبأنه سيعمل على تجنيب البشير وبقية عصابة الإنقاذ من المحاكمة الجنائية. ولكن الواقع يقول غير ذلك فلا نظام مصر قادر على فعل شئ كما لا يمكن للبشير ومجموعته من الإفلات من المحاكمة وما الهدوء الذي يهيمن على الإعلام مؤخرا إلا بسبب أن يتعاون نظام الإنقاذ لتسهيل عملية إنفصال الجنوب ليكشر المجتمع الدولي أو بالأحرى الغرب وعلى رأسه أمريكا في ملاحقة البشير.



لقد وقفت أحزاب المعارضة موقفا مشرفا فيما يتعلق بمشروع الجزيرة خاصة فيما عرف بتجمع الاحزاب في مدينة جوبا في شهر اكتوبر 2009م جين أصدر تجمعهم عددا من التوصيات كان من بينها توصيات اللجنة الاقتصادية والاجتماعية. وهي التوصيات رقم (8)، (10) و(11)، والتي تنص على:


(8) وقف التصرف في المشاريع والأراضي الزراعية الحكومية نهائيا وإلغاء قانون مشروع الجزيرة لسنة 2005 والعمل بقانون 1984م.


(10) إلغاء فوائد ديون المزارعين وتجميد أصل الدين لفترة 3 سنوات قادمة وحل اتحاد المزارعين الحالي وإنتخاب اتحاد جديد إنتخاباً حراً وتعيين لجنة مقتدرة لإدارة العمل ويمثل فيها المزارعون مع إعادة النظر في أمر المفصولين من عمال المشروع.


(11) إشراف وزارة المالية من خلال البنك المركزي على مشروع الجزيرة بإعتباره مشروعاً قومياً.

ولكن هذه الأحزاب سرعان ما نسيت كعادة قياداتها ما اتفقت عليه ورجعت حليمة إلى حالة النوم والسعي لإرضاء إن لم نقل السير في ركاب نظام الإنقاذ ليصبح ما اتفقوا عيه حبر على ورق لا يساوي جميع توصياتهم الحبر الذي كتبوه بها. ومنذ ذلك الإجتماع جرت أحداث عظيمة اهتزت لها كل الدنيا إلا هؤلاء القادة ومنسوبيهم من أهل الحظوة فلم يحركوا ساكنا ولم تلهمهم ادعاءاتهم الكثيرة الجوفاء منذ إنقلاب الإنقاذ بأنهم الرقم الأول ودعواتهم الفجة بسلم تسلم ولا نصرتهم للعاملين والكادحين فأصبحت جميعها كقول صاحب أخينا حامد البشير لا تغنيهم مما يعول عليه أهل الإنقاذ شيئا. أخرجوا ياقيادات الأحزاب من هذا الصمت المريب والله إن التاريخ لا يرحمكم وأنتم على هذه الحال من الضعف والهوان أمام هذه الطقمة الفاسدة فالتظاهر ضد بيع مشروع الجزيرة هو أقل ما يطالبكم به الآن هذا المزارع الذي علمكم ورفع أسمكم لتتبجحوا بهذا وذاك في المنتديات السياسية فأقل ما يمكن أن تقدموه له هو أن يظل في أرضه ليربى أبناءه بما تبيقى له من كرامة. كفى صمتا وكفى لا مبالاة.



د. عبد الله محمد قسم السيد_ السويد

الثلاثاء، 14 سبتمبر 2010

من ينقذ السودان من شفا الهاوية؟

من ينقذ السودان من شفا الهاوية؟

على الرغم من عدم وجود احصائيات لاستقراء رأي الجنوبين حول الوحدة والإنفصال الإ أن الدلائل تشير لإنفصال الجنوب عن الشمال. هذا ماهو واضح من خلال الرأى العام السائد فى أوساط النخبة السودانية الجنوبية التى تحوار فى المنديات والأجتماعات داخل وخارج السودان. أما وزر الإنفصال الأكبر فنحمله النخبة السودانية الشمالية والتى أدمنت الفشل على حد تعبير كتاب الدكتور منصور خالد والذى فصل فى جزئين أسباب ذلك الفشل. كان ضيفنا فى منتدى الحوار الثانى حول قضايا الوحدة والإنفصال، الدكتور فرانسس دينق مستشار الأمين العام للتصفية العرقية والذى شرفنا بتقدم كتابه الذى صدر حديثا وبعنوان السودان على شفا الهاوية: الحكم الذاتى والوحدة. فى هذا الكتاب، والذى سوف أعود له فى تقديم أوفى، يحمل فرانسس دينق الشمالين مسؤلية فشل والوحدة. فلكم أضاع الشمال فرصا للحفاظ على تماسك ووحدة السودان عندما رفض مشروع الكونفدرالية بين الجنوب والشمال بحجة أنه يقود للإنفصال ليعود عام 2011 ليقبل بلإنفصال حتى ولو كان كارها له.

أما موضوع جعل الوحدة خيارا جاذبا ماهو إلا لعبا فى الزمن الضائع بلغة كرة القدم. ونعنى فعلا الزمن الضائع وليس بدل الضائع. فما تقوم به الحكومة من مشاريع فى البنى التحتية ماهو إلا مضيعة للموارد المالية والتى كان من المفترض البدء فى تنفيذها مباشرة عقب إمضاء اتفاقية السلام الشامل. ما نحتاجه للحفاظ على وحدة السودان هو التزام جديد وإتفاقية جديدة تضمن للجنوب ولأقاليم السودان الأخرى مبدأ العدالة ومقومات التعايش وحرية الأديان واحترم حقوق البشر. لكن للأسف لايوجد فى السودان قيادة واعية، فى شماله أو جنوبه، تسطيع أن تخرج السودان من هذا المأزق فيما تبقى من زمن قبل تحلل دولة كان اسمها السودان وكان جنوبيا هواها. كما قال فرانسس دينق يفتقد السودن إلى قادة مثل قادة جنوب أفريقيا والذين إستطاعوا أن ينهوا عهودا من العنصرية لتكون جنوب أفريقيا من الدول الرائدة فى العالم. قادتنا يلتزمون الصمت ويقبعون فى جحورهم واهمين أنفسهم بأن الزمن كفيل بحل المشكلة.

كلنا يعلم مرارات حرب الجنوب والتى نكررها اليوم فى دارفور دون أخذ العبرة مما تترتب عليه هذه المرارات بالتفرقة بين أبناء السودان. فإنفصال الجنوب القادم لايقوم إلا على عدم معلاجة تلك المرارت . لذلك لايرى السودانى الجنوبى غير الإنفصال بديلا. وبالتالى لايفكر فى الأضرار التى يترتب عليها الإنفصال بالنسبة للجنوب. ولعل أسوأ سيناريوهات الوضع فى الجنوب بعد الإنفصال هى الصراع المسلح بين القبائل الجنوبية من جهة وبين الجيش الشعبى والمليشيات المسلحة من الدول المجاورة فى يوغندا، الكونغو، إفريقيا والوسطى وتشاد. أما عودة الحرب بين الشمال والجنوب فليست بالمستبعدة. فهناك من القنابل الموقوتة مايكفى لبدء صراع مسلح عند كل صباح جديد. الكل يعرف أن جنوب السودان لايملك مقومات قيام الدولة فى أكثر مناطق القارة الإفريقية هشاشة وعدم استقرار وقد تكون نتيجة الإستفتاء فى حد ذاتها، إن كانت فى صالح الوحدة والإنفصال، شرارة للعودة للحرب و إراقة الدماء. فالبشير وكير كل يدعو لقيام إستفتاء نزيه عله يقود للوحدة فى نظر الأول أو إلى إنفصال فى نظر الثانى. فقد حذر مستشار الأمين العام للأمم المتحدة لشؤن التصفية العرقية الدكتور فرانسس دينق خلال لقائه بالسودانيين باستوكهولم يوم السبت الماضى من حصول مجاذر للجنويين بالشمال وللشمالين بالجنوب مباشرة عقب نتيجة الإستفتاء. ماهو مصير الجنوبيين الذين يرغبون فى الأستقرار فى الشمال؟ للأسف ليس هناك أجوبة وحلول للعديد من علامات الأستفهام والتى قد تعصف بالشمال والجنوب إن لم تناقش الآن وقبل أن يقع الفاس فى الراس. ماذا بعد الإنفصال؟ ما هو مصير الشراكة والشركة؟ لماذا تترك القضايا العالقة فى أبيى وقضايا الحدود والتداخل القبلى دون حلول؟ كيف يشارك الجنوب فى دفع ديون السودان؟ ماهى رغبة الجنوب فى فتح قنوات الإتصال والتعاون مع الشمال؟ فلتملك حكومة الجنوب والشمال الحقائق والأجوبة لمواطنيها قبل وقت كافى من توجه المواطنين الجنوبيين لصناديق الإستفتاء.

سيف اليزل سعد

الخميس، 2 سبتمبر 2010

كفى تزييفا لحقوق الموتى يا حسين خوجلي

كتب الاخ الدكتور أحمد القرشى ، ذلك الرجل المشبع بثقافات السودان وتراثه مقالا فى الصميم يستنكر فيه تزوير حسين خوجلى لقصيدة الشاعر حسين عثمان منصور. كتب القرشى فقال



أذكر أنه في بداية التسعينات أجبر الأستاذ حسين خوجلي في برنامجه أيام لها إيقاع الفنان سيد خليفة على تغيير بعض كلمات أغنية ليل وخمر وشفاه للشاعر حسين عثمان منصور لتتماشى مع التوجه الحضاري في تلك الفترة ، ولم يجد بعض المهتمين والمتابعين لهذا التراث في ذلك الوقت مساحة من الحرية أو منبرا متاحا ليتصدوا لهذا العبث ويقولوا لحسين خوجلي كفى تلاعبا وتزييفا لتراثنا الغنائي السوداني نسبة للقبضة الحديدية للنظام في ذلك الوقت وتضييقه للمعارضين لمشروعه الحضاري المزعوم ، فعبث هؤلاء القوم كثيرا بتراثنا السوداني وحاولوا أن يشكلوا وجدان الشعب حسب هواءهم وفكرهم ولكنهم لم يستطيعوا أن يغيروه أو يبدلوه لأنه تكون بثقافة راسخة ومتسامحة وبفن صادق وأدب شفيف ، ففشل مسعاهم وخاب ظنهم بعد أن اصطدموا بجدار ثقافي راسخ وحضارة سودانية أصيلة ومتراكمة لا تتغير بقرارات سياسية فوقية ولا تتبدل بشعارات زائفة ، والجميع يذكر كيف منع الطيب مصطفي إذاعة كل الأغاني التي من بين مفرداتها كلمة خمر أو وصف لجسم إمرأة فحرمنا لفترة طويلة من الإستماع لهذه الأغاني إلا أن عادت أخيرا بعد أن عاد لدعاة المشروع الحضاري بعض رشدهم . وما زال المستمع السوداني يستمتع بهذه الأغاني ولا ندري أين هو الطيب مصطفى الآن وأغلب الظن انه يعمل على تدمير جدار وحدة السودان .
اليوم تمتد هذه المخالب بذات الفكر المنكفئ لتنهش من جديد قصيدة الشاعر حسين عثمان منصور المسماة ( ليل وخمر وشفاه ) والتي تغنى بها الفنان سيد خليفة وتعمل على العبث بكلماتها ومفرداتها وأبياتها التي كانت تعبر عن دواخل الشاعر وأحاسيسه ليبدلها الأستاذ حسين خوجلي بكلمات تعبر عن ذاته وفكره الذي يعتنقه فشوه الأغنية وكلماتها ومعانيها فأصبحت لا تطرب ولا تهز مشاعر أو أحاسيس بل صارت غريبة علي الوجدان ومنفرة ومؤلمة وكأننا لم نستمع لها من قبل .
اجبر حسين خوجلي أيضا احد الفنانين الشباب في برنامجه تواشيح النهر والذي بث اليوم 2/9/2010 في قناة الشروق (وكان موضوع الحلقة عن الموسيقار برعي محمد دفع الله) أن يغني هذه الأغنية مشوهة ومبتورة بعد أن أبدل اسمها من ( ليل وخمر وشفاه ) إلى (ليل وفجر وضياء )وعمل على تغيير معظم مفردات وكلمات وأبيات الأغنية ليشوهها بالكامل وليغير معناها ومضمونها فغير الشطرة التي تقول ( يا سقاة الكأس من عهد الرشيد ) إلى (يا رواة الشعر من عهد الرشيد )، وكلمات أخرى كثيرة في داخل الأغنية ، وكأن الشعب السوداني بدون ذاكرة أو وجدان ،وبذلك تعدى حسين خوجلي على حق الشاعر الراحل حسين عثمان منصور وشوه كلمات قصيدته وتلاعب بها حسب هواه وفكره ولم يراع مشاعر الملايين التي استمعت إلى هذه الأغنية وأحبتها بكلماتها الأصلية والصادقة .
يا أستاذ حسين خوجلي إذا لم تتماشى كلمات هذه الأغنية مع فكركم ومشروعكم الحضاري دعوها ولا تبثوها في أجهزتكم الإعلامية بصورتها المشوهة والمزيفة ، إذا لم تعجبكم كلماتها ومعانيها فقولوا لشعرائكم أن يؤلفوا قصائد حسب فكركم وهواكم ، وها نحن استمعنا إليك تقرض الشعر في هذا البرنامج فعبر عن نفسك ووجدانك ومشاعرك ولكن لا تتعدي على الآخرين وتتعدي على حقوقهم وأشعارهم وتسمح لنفسك وتعطيها الحق في تغيير كلمات شعراء آخرين وسلبهم حقوقهم وهم موتى .
كنا قد احتفينا ببرنامجك في قناة الشروق وأحسنا الظن بك وقلنا أنك تحتفي بهذا التراث الغنائي ،وابتدرت الأخت ممكونة بوستا لهذا البرنامج وتحدثنا عنه كثيرا ولكن حماسنا للبرنامج بدأ يتضاءل بعد استضافتك لشخصيات نسائية ليس لها علاقة بالفن من قريب أو بعيد عدا استوزارهم من قبل الحكومة ، وها هو البرنامج يعمل على خداع المشاهدين وتشويه أغاني المبدعين وتزييف مشاعر الآخرين.

http://www.sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=300&msg=1283382740&rn=1

الأحد، 22 أغسطس 2010

العداء أبوبكر كاكى يرفع إسم السودان عالياً


ابوبكر شاب مهذب ومتواضع تري فى عيونه وفى ملامحه طيبة أهلنا فى دارفور. حمل إسم السودان فى قلبه وفى زيه الرياضى وتوشح علمه كلما كان أول من لامس صدره خط النهاية فى مضامير السباق العالمية. سعدنا بإختياره لمدينة استوكهولم للتدريب والإستعداد البدنى والزهنى للمنافسات العالمية منذ عام 2008. وكان لوجوده بيننا هنا فى السويد دورا كبيرا فى التعريف بالسودان ورفع أسهم السودان فى وقت تدنت فيه سمعت السودان بسبب الصراع الدائر فى السودان.

حادثتان لهما علاقة مباشرة مع كاكى ورفع علم السودان. الأولى كانت فى يوليو عام 2008 خلال بطولة الدايموند ليق بإستاد إستوكهولم. حشدنا لتلك البطولة جمع غفير من السودانيين رجال ونساء واطفال للوقوف خلف كاكى. كانت الدواخل والمشاعر تتجه لمساندة ابوبكر فى رفع راية السودان فى ذلك اليوم. ولإضفاء المزيد من طعم "السودانية" على ذلك اليوم أصر بعض من الإخوة على إرتداء الجلابية، اما " التوب السودانى" فقد كنا متأكدين من حضوره. ولكى تكتمل الصورة كان لابد من توزيع علم السودان على المشجعين الذى كان عددهم يزيد عن الاربعين فردا. بحثنا فى المتاجر المتخصصة فى تصنيع وبيع الأعلام بأسواق مدينة استكهولم إلا أننا لم نجد علم السودان لديها. ومع إقتراب مواعيد السباق وإزدياد الإصرار على رفع علم السودان بادر أحد الأخوة بشراء قماش بألون السودان الأربعة و خياطة نسخ كافية لرفعها فى ذلك اليوم. وبالفعل فاز ابوبكر كاكى وأحرز زملائه اسماعيل، رباح ونوال نتائج مشرفة أدت لرفع اسم وعلم السودان.

أما الحادثة الثانية فكانت خلال بطولة الدايموند ليق الأخيرة والتى أقيمت فى مدينة استوكهولم وعلى نفس الإستاد فى يوم الجمعة السابع من أغسطس 2010. ما حدث فى ذلك اليوم رواه لى الأخ محمد النعمان، أحد الأخوة المهتمين بدعم ومساندة فريق العاب القوى السودانى. لم أحضر تلك المنافسة بسبب مناسبة إجتماعية طارئة. يروى النعمان أنه شاهد غياب علم السودان بين الأعلام المرفوعة عند مدخل الإستاد والتى تمثل الدول المشاركة فى المنافسة. وطالما يشارك كاكى بإسم السودان فلابد أن يرفع علم السودان. لم يتردد النعمان فذهب وبصحبته أحد المسؤلين ببعثة السودان الدبلوماسية إلىى منظمىى المنافسة واستفسر عن غياب علم السودان عند مدخل الإستاذ. إعتذر المنظمون عن تقصيرهم وبعد مرور دقائق معدودات كان علم السودان يرفرف عند المدخل.

كاكى شاب يقاتل لوحده تساعده دعوات أمه وأبيه. فهو يسألهما الدعاء دوما كلما إتصل بهما هاتفيا ليطمنهما على أحواله. وهو يعسكر فى داخلية لمدرسة ثانوية رياضية فى ضاحية هادئة شمال مدينة إستوكهولم. وهو يسير على برنامج وروتين صارم فيما يتعلق بالتمرين والتدريب تحت قيادة مدربه الأمريكى الجنسية الصومالى الأصل جامع وشقيقه إبراهيم. يبداء كاكى تمرينه اليومى عند الصباح الباكر وينهى فترة تمارينه الأولى عند منتصف النهار ليبداء الفترة الثانية عند الخامسة مساء وتنتهى عند السابعة مساء. إصطحبته والأخ النعمان فى جولة سياحية فى مدينة إستوكهولم عقب نهاية فترة تمارينه الثانية. وعند مقادرتنا المعسكر بدقائق اتصل به "الكوتش" ليأمره بالرجوع للمعسكر قبل العاشرة والنصف مساء حتى يستطيع النهوض باكرا للتمرين. مازحناه بأننا لن نذهب به لحفل ساهر فأجاب بدلوماسية بأن لجنة فحص المنشطات قد تزوره فى المعسكر لأخذ عينة للفحص وإن لم يجدوه قد يعتبر ذلك تهربا من اللجنة.

كاكى شاب ينافس فى ظروف صعبة دون دعم ومساندة من الجهات المسؤلة الحكومية والرياضية والإعلامية . حتى الأحوال المناخية فى السودان تشكل عقبة للتمرين والتدريب.فالعدائين الأثيوبين على سبيل المثال يتدربون على إرتفاع يفوق الألف متر فوق سطح البحر على الهضبة الأثيوبية حيث تكثر نسبة الأكسجين مقارنة بمنخفضات السودان. أما منافسي كاكى من العدائين الكينيين فهم يعدون ويتدربون فى شوارع نيروبى والتى تعنى بلغة قبيلة الماساى "مكان الموية الباردة" نسبة لإعتدال الطقس فيها. أما بعضا من المنافسات الكينية فتقام فى الحظائر المفتوحة على سفح جبل كيليمانجارو وفى سهول حظيرة ماساى مارا. ورغما عن حرارة الطقس فى السودان وشمسه الحارقة ورياحه الترابية التى تكتم النفس فقد قهر كاكى منافسيه من سكان الهضبة، وبلد الأخدود وبلاد العم سام وأوربا. فقد كافح فى الحفاظ على مواظبة التمرين رغم سخونة الجو ليقطع مسافة لاتقل عن خمسة وأربعين كيلومترا فى اليوم وهى المسافة من جبل أولياء الى أرض المعسكرات. أما المضمار الذى يتمرن عليه فهو بالسوء الكافى للإصابة الجسمانية بسبب الحفر وعدم إستواء أرضيته. وهو ما أكده أحد مستشاري كاكى لازال فى بداية طريقه الرياضى والسودان موعود بالذكر إسمه فى محافل رياضية كثيرة، عالمية وقارية. قدم كاكى للسودان أربعة ميداليات ذهبية فى منافسات عالمية كبرى آخرها كان فى الدوحة فى بطولة العالم الثالثة عشر لألعاب القوى داخل الصالات. ولاكنه لم يجد الأهتمام والدعم والرعاية اللازمة لتحقيق المزيد من الإنتصارات. فهناك دول كثيرة وعلى رأسها بعض الدول الخليجية تريد لكاكى أن ينافس تحت رايتها وحاولت أن تغريه بملايين الدولارات للعب بإسمها. ولكنه رفض وسكت عن عجز الجهات المسؤلة ليواصل مسيرته تحت راية السودان. وعندما فشلت فى إغراء كاكى إتجهت لشراء مدربه جامع. عندما قابلت جامع بعد فوز كاكى فى بطولة دى إن جالان للصالات المغلقة إشتكى لى الرجل عن الإهمال وعدم الرعاية به وبفريقه. تحدث بمرارة عن عن معاناته ومعانات فريقه فى الترحيل والسكن وإنعدام أبسط مقومات التدريب. لم أندهش لخبر تعاقده مع دولة قطر لتدريب فريقها القومى لألعاب القوى. أما جامع ومعرفته بمقدرات كاكى فى مضمار السباق فقد أصر على مواصلة الطريق معه ولازال مدربا لكاكى.

أعاد كاكى لألعاب القوى السودانية بعضا من الأمل بمدالياته وإنجازته الفردية . وبذلك تكون ألعاب القوى هى الوحيدة التى وضعت السودان فى المحافل الدولية الرياضية . وهو ماعجزت عنه إتحادات كرة القدم، والكرة الطائرة، كرة السلة، السباحة إلخ...واقع الحال يقول أن كل ماصرفه السودان فى دعم كرة القدم ضاع معظمه هباء إن لم يكن جله. أما آن الآن لدعم قطاع ألعاب القوى، لأن فى السودان ألف كاكى على حد تعبير المستشار الفنى لإتحاد القوى السودانى والذى حضر لمؤازة كاكى قبل إسبوعين.

أعطوا الفرصة لكاكى لمقابلة الشباب من خلال أجهزة الإعلام وزيارة الأندية والمدارس لتشجيعهم على إبراز مواهبم ومقدراتهم . وعلى وزارة الشباب والرياضة ووزارة التربية والتعليم إلى الإلتفات لألعاب القوى فهى منفذا للشباب لبناء أجسام صحية وقوية بدلا من المخدرات والخمور. وإن كانت السياسة قد باعدت بين أبناء السودان فقد تكون الرياضة هى مايقرب ويوحد أبنأه.

دعوتى لكم للوقوف مع أبوبكر خميس كاكى وهو يخوض المرحلة الأخيرة من الدايموند ليق بمدينة بروكسل يوم 27 أغسطس. شاهدت كاكى خلال تمرينه اليومى بضاحية سولينتونا وكله أصرار وعزيمة لفوز وإهداء النصر للسودان.

سيف اليزل سعد
استوكهولم ـ السويد

الثلاثاء، 15 يونيو 2010

سيناريوهات المسقبل

بقلم: د.عبد الله محمد قسم السيد-السويد

يبدو من خلال التحليلات التي يقوم بها بعض الكتاب عما يدور في السودان وما يتوقعونه بعد عملية الإستفتاء في يناير المقبل، أن السودان أصبح على أعتاب الإنفصال حقا دون أن يكون لأي فرد لا ينتمي إلى طرفي الحكم الحق في أن يسمع رأيه وإذا سمع فليس هناك أمل في أن يؤخذ به. فقد عزم الشريكان على التنفيذ شاء من شاء وأبى من أبى كعادتهما منذ أن إرتضيا غصبا عن كل أهل السودان أن يتكلما بإسمهم. ورغم علمنا التام بأن ما نود قوله هو تحصيل حاصل ولن يجد شيئا إلا أننا إرضاءا للنفس وتخفيفا عنها من الكابوس القادم خاصة أن التلفزيون القومي ما فتئ يوصينا على لسان الثنائي ميرغني المامون وأحمد حسن جمعة بالحفاظ على الوطن وترابه الغالي، سنقول ما يخطر ببالنا ونحن نعلم أنه لم يعد هناك دافع أو رغبة. فإذا كان لابد من إستمرار الشريكين فيما عزما عليه فأقل ما يمكن عمله من جانبيهما أن يجعلا سكينتهما حادة الشفرة حتى لا يتعذب المواطن بها. بمعنى آخر وكما يقول إبن أختي سلمان أبو حليمة لابد من تشخيص دقيق قبل عملية فصل التيمان. ف"الانفصال ده زي عملية فصل توأم ملتصق اذا عاشا بهذا الالتصاق سيكون هناك تشوه واذا تم فصلهما ربما تتعرض حياة احدهما للخطر فلابد من تشخيص دقيق قبل العملية". هذا التشخيص لابد أن يشمل كل جوانب العملية الجراحية وألا يترك أمر للمفاجأة يحدث بعد العملية. فالكثير من المنادين بالإنفصال يقولون بعدم وجود أي جاذبية للوحدة أي أن الإلتصاق إذا إستمر سيبقى على إستمرارية التشوه والعذاب النفسي ولما كان أمل الفصل سيقود إلى إمكانية حياة أفضل إذا ما كان الجراح وطاقمه يتمتعون بالخبرة والمسئولية ويعرفون جيدا ما يترتب على العملية قبل إجرائها، فإن طاقم العملية لن يقدم على عمل لا يضمنون به نجاح عمليتهم لن يقدم على إجرائها إلا بعد النظر في كل الجوانب الأخرى البديلة بما فيها إدخال مختصين آخرين في مجالات التجميل و"الترميم" ومنها إعادة صياغة السؤآل إذا كانت الوحدة غير جاذبة فهل للانفصال اي جاذبية؟ هنا لابد من جراح التجميل ومن عليه القيام "بالترميم" أن يسألا هل سيكون الجنوب أو الشمال بعيدا عن النزاعات القبلية والعرقية والدينية بعد إجراء العملية؟ وهل سيعود أبناء الجنوب في ولايات الشمال المختلفة بمجرد إنتهاء عملية الإستفتاء وإعلان نتيجتها إن كانت سالبة؟ هل سيظهر لنا جنوب آخر للشمال في النيل الازرق أو النيل الابيض أو وكردفان ودارفور يحمل نفس سمات الإلتصاق في الجنوب القديم مما يستدعي إجراء عملية أخرى. إننا نعلم جيدا أن إتفاقيات نيفاشا وأبوجا والشرق لم تنفذ بشكل كاف ومقنع مما يترتب عليه مشكلة المناطق الثلاث فيما يتعلق بالجنوب مما يخلق مناخا يبشر بإستمرارية الحرب الأهلية بعد الإستفتاء في الشمال من ناحية وبالضرورة بين الشمال والجنوب من ناحية. أما في الجنوب فلابد للجراحين من التأكد بعدم وجود نفس الأعراض خاصة مع إمكانية وجود إلتصاق متعدد الأطراف تتداخل فيه عوامل خارجية للجنوب القديم. بل إن الطرفين يعلمان جيدا ما سيحدث خاصة أن دول الجوار قد إستولت على أطراف السودان وهو يعيش فترات الإغماء: مصر (حلايب) وأثيوبيا (الفشقة) كينيا (مثلث أليمي) ليبيا (مثلث العوينات) كما أن يوغندا وتشاد وإرتريا وحتى أفريقيا الوسطى لم تتوقف لحظة عن إستغلال ظروف السودان من التدخل فيه لضمان أخذ جزء من بقاياه بعد الإنفصال. لذلك فإن على الطرفين الحاكمين قبل إجراء أي خطوة أن يعلما أن من أهم سمات المجتمع السوداني التعدد الثقافي والعرقي والديني وأن يعرفا أن هذا التعدد لم يؤد إلى أي إختلافات عصفت ببنية المجتمع تاريخيا كما أن هذه الإختلافات عند حدوثها لا تفسر الصراع داخل مجتمعات السودان إلا عند إرتباطها بالظلم والوعي به أو إرتباطها بالموارد الإقتصادية مثل المرعى والأرض كما هو الحال في دارفور أو في مناطق النوبة. وبهذا فإن خلافات دارفور والخلافات بين القبائل الأخرى في الجنوب وفي جبال النوبة وفي كردفان رغم حدوثها تاريخيا، إلا أنها سرعان ما تجد طريقها للحل بفضل التسامح المجتمعي من ناحية وبفضل الإدارة الأهلية من ناحية أخرى.

كذلك على الطرفين الحاكمين بإسم الله في الشمال وبإسم العلمانية في الجنوب أن يدركا أنه لا يمكن تقسيم المجتمع السوداني بين مناطق عربية وأخرى أفريقية بشكل نهائي لعدم وجود صفاء عرقي إلا في مناطق محدوده في الجنوب بجانب إدراكهما أن الدين رغم أنه يشكل جزءا هاما في الهوية السودانية إلا أن الإختلاف الديني لم يمنع التعايش السلمي تارخيا ولم يؤد إلى صراع إلا عند إستخدامه في السياسة ولم يظهر إلا بنشاط الإرساليات التي صورت الإسلام كعائق لها في الجنوب في الفترة الإستعمارية وفي فترة نظام "الإنقاذ" الحالية حين أرادت فرض الإسلام والهوية العربية على كل مجتمعات السودان جهلا وإستهتارا بقيم الإسلام التي لا تفرق بين عربي وعجمي إلا بالتقوى. وعليهما أن يعرفا أن لنا في تاريخ السودان الحديث ما يؤكد على أن عامل الدين من الممكن أن يقود إلى ثورة عظيمة تتوحد فيها قلوب الشعب كما حدث في الثورة المهدية عند إندلاعها في عام 1881م حيث ناصرت قبائل الجنوب الإمام المهدي ودعمته ماديا ومعنويا بهدف طرد المستعمر التركي المصري.

على النخبة السياسية الحاكمة من الجانبين ذات العقلية الإستعلائية والإنتهازية التفريق بين الهامش والمركز ليس في بعدهما الجغرافي فقط وإنما في العقل الثقافي المتراكم والقائم على الوهم والكذب التاريخي خلال العقدين الماضيين من عمر الإنقاذ. فمثلا من ضمن الأسباب التى يقول بها من يؤيد الإنقاذ ونظامها بسط هيبة الدولة بعد الفوض الأمنية إبان الفترة الديموقراطية. وهذا القول لا يحمل الحقيقة بل على العكس إن الفوضى الأمنية التي عاشها المواطن السوداني البسيط والخوف والرعب من قوى الأمن وتهجمهم على المواطنين وصلت مرحلة لم تبلغها فوضى إلا في الصومال والعراق. فقد تم قتل وذبح الصحفيين بعد خطفهم من منازلهم وتم قتل المواطنين في المساجد كما تم قتل طلاب الخدمة العامة في العيلفون الذين طالبوا بالذهاب الى أهاليهم في قضاء عطلة العيد بدلا عن قضائها في المعسكرات. كما تم قتل الدبلوماسيين وهروب قتلتهم لأول مرة في تاريخ السودان بتدبير واضح من قبل أجهزة الأمن نفسها فأين يا ترى المجاري التي يستطيع أربعة رجال طول بعرض الخروج من خلالها. خاصة أن العالم كله يعرف أن الخرطوم العاصمة الوحيدة في العالم التي لا يوجد بها نظام صرف صحي حيث تركت الدولة مثل هذه الخدمات يقوم بها المواطن وسمحت بحفر الملايين من الآبار في مساحة العاصمة مما يهدد بكارثة في المستقبل القريب ليس فقط بإنهيار هذه الآبار والذي بدأ بالفعل وإنما بتلوث مياه الشرب مما يعرض الملايين من سكانها إلى كارثة بيئية تفوق تلك الكارثة في خليج المكسيك. والفرق أن المواطن الأمريكي له حكومة تعمل لمصلحته حين بدأت في البحث عن الطرق في التعويض للمتضررين بينما حكومتنا تدعم الشركات التي تقوم بتلوث البيئة وتقتل المواطنين وإزالتهم من أراضيهم بهدف إستخراج النفط أو قيام سد على النيل. أما على المستوى الجمعي وبدون حافز تنموي تتشدق به الحكومة فقد تم قتل أكثر من مائتي ألف مسلم من أهل دارفور إعترف وزير خارجية الإنقاذ المتطلع والشفقان مصطفى إسماعيل في اليابان ب 9 ألف قتيل وركز في تأكيده على فقط واعترف البشير ب 5 ألف كما تم اغتصاب المسلمات الحرائر تحت بصر ودعم وتأييد حكومة الإنقاذ في دارفور ناهيك من حرق آلاف القري، وتشريد الملايين من مواطني دارفور. بل إن قول البشير بأن نساء دارفور عند إغتصابهن من قبل الجعليين فيه تأييد كامل لما حدث ويحدث في دارفور وفيه تأييد لما تقول به المحكمة الجنائية يدلي به المتهم شخصيا والإعتراف كما يقول أهل القانون سيد الأدلة.

إن الواقع الآن يقول بعدم العمل في إتجاه الوحدة من قبل الشريكين الذين فرضا رؤيتهما بقوة السلاح ولا تتوفر لكليهما إرادة وطنية بالإعتراف بأخطائهما بهدف إعادة البناء على أساس مبادئ المساواة والعدالة والإعتراف بالآخر الذي يشاطرهما هم الوطن حتى بعد موافقتهما معا على المساواة الكاملة في الموارد الإقتصادية والسياسية والخدمات الإجتماعية بهدف الوحدة الجاذبة. وعليه فإن ما تفتقده الحكومة المنتظرة والمتعثرة بسبب الطمع والترضيات هو ليس الوجوه الجديدة على الرغم من أننا قرفنا حقا تبادل الوزارات بين نافع ومصطفى والمتعافي والجاز وعبد الرحيم وغيرهم كما قرفنا تعدد المستشارين بدون إستشارة، وإنما ما تفتقده هو العقلية ذات التفكير الإيجابي في الوطن والمواطن بدلا عن التمركز حول الذات والحزب. العقلية التي تنفتح على الآخر ببرنامج هدفه وحدة السودان وتنميته عبر برنامج واضح المعالم تحكمه الشفافية والمحاسبة يقوم على الموارد الحقيقية للوطن والمتمثلة في الزراعة حتى يشعر بها المواطن بعيدا عن الشعارات الجوفاء. وبالتالي فإن ما يريده السودان والشعب السوداني لا يتوفر لدى الشريكين لأن كليهما يشتركان في نفي الآخر ولا يسعيان أبدا لحل ما يواجه الوطن والمواطن كما أنهما لا يتمتعان ببرناج عملي واضح شفاف بعيدا عن مصالحهما الذاتية والحزبية.


عبد الله محمد قسم السيد-السويد

الخميس، 10 يونيو 2010

السودان: وُحدة أم إنفصال؟

السودان: وُحدة أم إنفصال؟
كان إجتماع نفرٌ ليس بالقليل من سودانى المهجر بالسويد الأسبوع الماضى لمناقشة موضوع الوحدة والإنفصال دليلٌ كبير على رغبة السودانيين فى التفاهم للوصول إلى قرار حاسم: إما وحدة أو إنفصال. ليس من منطلق العواطف والشعور، بل بعد دراسة عميقة وشاملة لموضوع الوحدة و الأنفصال. بالأمس قابلت ضيفاً من أبناء جنوب السودان، الأب رمضان خلال زيارته القصيرة للسويد وكان يتحدث بمرارة شديدة عن خراب عقول الساسة فى السودان وتفتيتهم لوحدة السودان. كان دعوته واضحة وصريحة للنخبة من سودانى المهجر للمشاركة فى توعية المواطن الجنوبى والشمالى لمبداء المصالحة والإعتراف بالجرائم التى أُرتكبت ضد الأبرياء بدلاَ من الدعوة للإنفصال والعودة للحرب والإقتتال. وقبل إسبوعين إلتقيت بأحد الدبلوماسين وسألته عن موضوع الأنفصال فأجاب مازحاَ " الجنوبين فرحانين بالإنفصال زى الزول الفرحان بموضوع العٍرس، الزول مايعرف الحقيقة إلا بعد العرس". الواقع أن هناك الكثيرون من المؤيدين للإنفصال من الجنوبيين والشماليين لكن ليس لديهم القدرة على إقناعك بضرورة الإنفصال ناهيك عن تقديم رؤية للعلاقة بين الجنوب والشمال. أما دعاة الوحدة فهم أيضاَ لايملكون الحُجّة بجدوى الوحدة وماهى شروط هذه الوحدة قبل الذهاب لصناديق الإستفتاء. وماهى الضمانات لعدم الرجوع للأسباب التى أدت لرفع السلاح.

كان الملتقى الحواري الأول فرصة طيبة للجنوبيين والشماليين للجلوس مع بعضهم البعض بعيدا عن الجو الملغم والمشحون فى السودان. كان اللقاء مؤتمراً مصغراً يحكى واقع السودان. كانت أقاليم السودان جميعها ممثلة فى ذلك اللقاء، من شمال وجنوب كردفان، النيل الأزرق، غرب وشرق الأستوائية، الشمالية، الجزيرة، كسلا، البحر الأحمر، دارفور. شارك فى اللقاء أيضاً إخوة من الدول المجاورة قلوبهم مع السودان ويعلمون جيداً تأثير مايحدث فى السودان على الأوضاع فى بلدانهم. فقد حضر اللقاء إخوة من جبوتى، إريتريا وأثيوبيا . لم يكِلوا أو يسأموا من متابعة الحوار والنقاش الذى إنتهى عند منتصف الليل بعد أن كان من المفترض أن ينتهى عند الثامنة مساء. كان الرغبة واضحة لمواصلة الحوار وللتعرف على مايدور فى الأزهان حول الماضى بمراراته والحاضر بإخفاقاته والمستقبل بأسراره. هل سوف ينفصل السودان إلى جنوب وشمال؟ ماهو مصير جنوبي الشمال وشماليي الجنوب بعد الإنفصال؟ هل يتغلب خيار الوحدة على خيار الإنفصال؟ وماهى مقومات وأساس هذه الوحدة؟ هل إتفاقية السلام الشامل كافية لحل الخلافات بين الجنوب والشمال؟ أسئلة كثيرة وصعبة تظل بلا إجابة ونحن على بعد أسابيع قليلة من أهم حدث فى تأريخ السودان القديم والحديث.

الشكر موصول لكل من شارك فى هذا اللقاء.

الاثنين، 22 مارس 2010

الرئيس الرقاص

شاهدنا جميعا عمر البشير وهو يرقص على انغام الأغانى السودانية خلال السنوات الأخيرة. وهو تحول ملحوظ من الكيفية التى كان البشير يخاطب بها الجمهور حين استولى على السلطة فى يونيو من عام 1989 تحت مسمى ثورة الإنقاذ مطلقا لحيته ومستهلا لقاءاته بالتكبير والتهليل. شاهدته اليوم فى لقاء له فى بورتسودان وهو يكاد يرقص مثلما رقص الراقصون على أنغام الأستاذة حنان بولوبولو " يا بهيه آييا، الشحم ده آييا واللحم ده آييا". عمر البشير برقصه هذا يوضح بانه شخص بدون مبادئ وأنه يسعى الى السلطة بأى شكل كان و بأى طريقة مستخدما فى ذلك كل ماهو مسموح به وغير مسموح به. وهاهو البشير يعزف على الوتر الحساس الذى ينتشى له المواطن السودانى طربا، وتر الهوية السودانية وعشقها لثقافتها ولتراثها، عشقها للدوبيت وللعرضة وللربابة وللغناء وللمديح وللذكر. منع البشير الشعب السودانى من الفرحة ومن التعبير عن مشاعره من غناء وشعر ورياضة ومسرح وكتاب. فقد سلط مايسمى باللجان الشعبية وجهاز أمن الدولة على الفن والفنانين وشردوهم من بلدهم السودان تحت ستار الدين والنفاق وما يسمى بمشروع السودان الحضارى وإدعاءات الشريعة الإسلامية التى سلطها البشير على خصومه وما أن أستولى على مقاعد السلطة بإسم الدين إلا وصار يرقص طربا بعد أن حرم على غيره الرقص والغناء. أذكر أن مطربا كبيرا تغنى لثورة الإنقاذ بعد يوم واحد من إنقلاب عمر البشير على ديقراطية 86. فقد بث التلفزيون السودانى وعلى الهواء مباشرة أغنية " هبت ثورة الإنقاذ مادام الجيش للشعب إنحاز". وبعد شهور قليلة منع ذلك المطرب وزملائه المطربين من الغناء. وتم إرهاب الملحينين والمطربين بشتى الوسائل. وكانت قمة الإرهاب هذه إغتيال المطرب الكبير خوجلى عثمان ـ عليه رحمة الله ـ بعد ثلاث سنوات من عمر الإنقاذ. عندها وصف أستاذنا الكبير محمد وردى، نقيب الفنانين "ان الهجوم من نتائج الثقافة السائدة في الخرطوم الان، والتي تعتبر ان الفن والرياضة امور لا قيمة لها، و ان الفنانين والمثقفين مهددون في السودان بسبب هذه الثقافة". . فهل ياعمر أصبحت الموسيقى والرقص والعرضة حلالا بعد أن كانت محرمة؟ سيف اليزل سعد

الخميس، 11 مارس 2010

الإنقاذ ودمار التعليم العالى

تَعودَ سَاسًةَ مايُسمّى بِالمُؤتمر الوطنَى من وزراء ووزراء الدولة وولاتِها على التدجِيلِ والإستهزاءِ على عقلية المواطن السُودانِى البسيط. فقد تسلطُوا على رقابِ الناسِ من خِلالِ سيطرتِهم على أجهزةِ الدولة الخدمية من تعليمٍ وصحةٍ وطرقٍ وبيئةٍ ومأكل ومشربْ. وصاروا يلقون الآئمةَ على المواطن المغلوب على أمره بأنه جَاهلٌ ومتخلف . فهناك من إتَهم المواطنين بأنهم كانوا السببَ فى كارثةِ السيول الإخيرة التى إجتاحت الخرطُوم مؤخراً. وآخرَ أغلق المدارس اسبوعاً كاملاً متحججاً بنفس الكارثة بدلا من تحمل المسؤلية وإيجاد الحلول للمشاكل العاجلة. ومع بداية الحملة الإنتخابية هذه الأيام علينا مُحاسبة عُضوية المُؤتمر الوطنى على مافعلُوه خلال السنوات العشرون الماضية قبل أن نستمع لبرنامجهم الإنتخابى.

مفهوم الدولة عند هؤلاء، أنها هِبة هبَاها لهمُ اللهُ لخدمة انفُسِهم وعَشِيرتِهم والتُسلطَ بها على المواطن. فهم الآمِروُن والناهُون، ليس بمعروفٍ ولاعن منكر، بل بما يرونه متماشياً مع مايخدم مصالحهم الشخصية والنفعية. يقُولون ما لايفعلون ويَروُن سُوءَ أَعمالهم حسناً. لاحسيب ولارقيب لسوء الإدارة وإنعدام البصيرة وعدم المسؤلية تجاه الرعية.

بعد أن عاث الجبهجية فساداً فى جهاز الدولة، تارة تحت عنوان "الإسلامية" وتارة تحت عنوان "الإنقاذية"ومرة أخرى تحت عنوان "الوطنية" ، يأتُون بعد عشرون عاما من الضياع والخراب للظهور بمظهر البراءة والوداعة وكأن السودان لم يضيع. نتناول فى هذا المقال الدمار الذى لحق بالتعليم العالى وأجهزة البحث العلمى. هذا القطاع الذى إِستهدفه الإنقاذِيون ودمرُوه لتمكين سلطتهم عن طريق مسخ وتجهيل أجيال وأجيال من أبناء وبنات الشعب السُودانى. ومع إنطلاقة الحملة الإنتخابية فى هذه الأيام فإننا لانسمع إلا كِذباً وتدجيلاً. وعُوداً كاذبة وبرامج فارغة وفساداً عارما.

ما دعانى للكتابة عن الدمار الذى لحق بالتعليم العالى وأجهزة البحث العلمى هو مُحاولة وزير الدولة للتعليم العالى، البرفسور فتحى أحمد خليفة، طمس الحقائق وتبرئة حكومته من الذُنوب التى إِرتكبتها حكومته فى حق العلم والتعليم، وفى حق البحث العلمى والباحثين، وفى حق المواطن والبنين. وهو يخوض الإنتخابات متلفحاً بروب التعليم العالى والبحث العلمى كان الأجدرُ به أَن يكونَ صادقاً مع نفسه قبل ان يكون صادقاً تجاه منتخبيه. ففى لقاءٍ لهُ على شاشةِ التِلفاز قبل اسبوعين تحدث البروفسور عن دَورِ البحث العلمى فى تطوير المُجتمع وخدمةِ الإنسانية. ولكى يُقنع المواطن البسيط بأهمية هذا الدور، ضرب لنا مثلاً بدور جامعتي اكسفورد وكامبريدج فى تطوير المجتمع البريطانى إلا أنه لم يستطع أن يقارن هذا الدور ولو بجامعةٍ واحدةٍ من الجامعات السُودانية والتى فاق عَدَدُها جامعات بريطانيا بأجمعها. ولم يكتفى بذلك بل سَخِر من جامعات السودان واصفاً خاماتها ونوعيتها بخامة ونوعية المدارس الثانوية. سبحان الله!! لهذه المرحلة بلغ الإستهزاءُ والإستخفافُ بعقليةِ المواطن السُودانى؟ فى ذلك اللقاء تحدث السيد البرفسور الوزير عن قرارات ٍسوف "تتنزلُ" من مجلس التعليم العالى على الجامعات السُودانية دون أن يفصح عن محتوى تلك القرارات. وتحدث عن جامعة المستقبل دون أن يفصح عن مقومات تلك الجامعة سوى أنها سوف تكون جامعة القرن الواحد والعشرون. ونظّرَ البروفسور السياسي فى النهضة والتنمية فقال: أن النهضة تحدث على قاعدة علمية قوية لإحداث التحول فى مقدرات المواطن ولحدوث هذه النهضة لابد من جامعات لمواكبة هذه النهضة. السؤال: ماذا قدمت الجامعات ودور البحث العلمية السودانية تحت عهد الإنقاذ وقيادة البرفسور، السياسي والوزير فتحى أحمد خليفة؟؟

وحتى لا نبخسَ الناسَ أشياؤُهم دعونا نستعرض ماهو إيجابىٌ فى سنوات الإنقاذ فى مجال التعليم العالي. ففى ورشة عملٍ أُقيمت فى مطلع شهر فبراير بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا حول " عناصر التقويم المؤسسي لضمان الجودة فى التعليم العالى" فاخَرَ السيد الوزير بالتوسع الذى حدث فى التعليم العالى مشيراً الى وصول عدد الطلاب إلى أكثر من مئتى ألف طالب. وهذه حقيقة. إلا أن هذا التوسع غير المدروس هو الذى أدى إلى تدنى جودة وخامة الطالب السودانى وبالتالى إنعكس ذلك سلباً على تدنى الخدمات الطبية والهندسية والزراعية والإجتماعية وكافة النواحى الخدمية الأخري. وإليكم واحداً من الدلائِل في المجال الزراعى، مجال تخصص السيد البروفسور الوزير ذات نفسه وعلى لسانه هو. ففى لقاءٍ لهُ مع إتحاد عام مزارعى السودان وصف السيد البروفسور واقع المزارع السودانى بالمرير وأشار الى تفشى نسبة الأُمية الأبجدية والوظيفية من حيث التعامل مع التقانة الحديثة وإلى ضعفهم الإقتصادى وإنتشار الأمراض وسؤ التغذية وضعف قدرتهم التنافسية. كل هذا الوصف لحال المزارع السودانى ماهو إلا إستهزاء وأستخفاف بالمواطن السودانى من قبل قادته ووزراؤه وباحِثيه. أما المُحصلة النهائية لكل ذلك فقد جاءت على لسان السيد البروفسور الوزير الذى تخصص فى مجال إنتاج الحبوب، وهى أن متوسط انتاج الفدان الواحد من الحبوب قد وصل إلى مئة كيلوجرام فقط ليكون انتاج الحبوب هذا العام أربعة ملايين طن فقط. هل سأل البروفسور الزراعى ووزير الدولة للبحث العلمى عن دوره ومسؤليته تجاه هذا الفشل قبل أن يتباهى بإزدياد أعداد الطلاب بالجامعات السودانية؟؟ سبحان الله!!!

إزدياد أعداد الطلاب بالجامعات نتيجة "التوسع" فى مجال التعليم العالى واكبها ضعف كبير ليس فقط فى مؤهلات وكفاءة الخريج بل تعداها الى ظهور معضلات وقضايا إجتماعية وظواهر غريبة على المجتمع السودانى. وقد صدق السيد البروفسور حين قال أن هناك جامعات بمستوى مدارس ثانوية. وكما يقول المثل: تحصد ماتزرع. فبين ليلة وضحاها تحولت بعض المدارس الثانوية الى جامعات وكليات جامعية. فأصبحت مدرسة حنتوب الثانوية كلية للتربية تابعة لجامعة الجزيرة وكلية أبوحراز الزراعية كلية جامعية تتبع لجامعة الجزيرة أيضاً. وبخت الرضا تم ترقيتها إلى جامعة. وتحولت العديد من المبانى ـ والتى لم تكن أصلا مهيئة للبيئة الدراسية ـ إلى جامعات وكليات جامعية. وكانت هذه الآف من الطلاب فى هذه الجامعات العشوائية فى حوجة لمدرسين. فشرعت وزارة التعليم العالى فى فصل خيرة العلماء والأساتذة لعدم ولائِهم السياسي للإنقاذ وتعيين من يدينون لها بالولاء دون النظر لمؤهلاتهم الأكاديمية. فقد شهدت نفس الكلية التى عمل بها فتحى خليفة بجامعة الجزيرة تعيين خريجا بدرجة الماجستير عميدا للكلية وريئساً على أساتذته. وبعد ذلك هل كنا نتوقع زيادة إنتاجية الفدان عن المئة كيلوجرام من الحبوب؟؟ سبحان الله!! أصابتنى الدهشة البالغة من تدنى الخدمات الطبية ومهارة الطبيب السودانى المعروفة عندما زرت العديد من مستشفيات السودان الحكومية فى السنوات الأخيرة. أحد العرافين ببواطن هذا التدنى أجابنى بأن الفرق بين خريجى الأطباء ما قبل الأنقاذ وبعد الإنقاذ يُرى بالعينِ المجردة.

كان قطاع التعليم العالى والبحث العلمى أول قطاع دمرتهُ الإنقاذ وهدمته من قواعده. فهو القطاع الذى كان يُشكل الثُقل الأكبر من المتعلمين والمثقفين والدارسين المعارضين لنظام البشير. كانت خطة الإنقاذ مبنية على سيطرتها على القوة البشرية الموجودة فى هذا القطاع. فبلإضافة لسياسة الفصل التعسفى للإساتذة والعلماء التى ذكرناها سابقاً، "تنزلت" الإنقاذ ومن خلال المجلس الأعلى للتعليم العالى بقرار تعريب المناهج الدراسية بالجامعات السودانية. وبذلك القرار تكون الإنقاذ قد فصلتَ تماماً أجيال الطلاب التى التحقت بالجامعات السودانية فى بداية التسعينيات عن دُور البحث والعلم وتكون قد منعتهُم التسلُحَ بواحدة من أهم لغات البحث العلمى وهى اللغة الإنجليزية. لم أستغرب على الإطلاق لإنعقاد مؤتمرٍ بالخرطوم الأسبوع الماضى لمناقشة التدهور الذى يعانى منه الخريجين فى مجال اللغة الإنجليزية. ولم أستغرب عندما رفضت أجهزة التعليم العالى البريطانية الإعتراف بالشهادات الصادرة من بعض الجامعات السودانية، والتى كانت قبل الإنقاذ من أعلام الجامعات التى يُشار لها بالبَنان. وحتى بعض الدول العربية، مثل ليبيا، رفضت معادلة الشهادات الصادرة من بعض الجامعات السودانية. أما جامعة الخرطوم فقد تذيلت قائمة ترتيب الجامعات من حيث الأفضلية فى العالم لتحتل المركز (4941) عالمياً و(45) على مستوى إفريقيا و (49) عربياً.


ولم يقف مِعول الإنقاذ الهدّام على التعريب، بلْ تعداهُ إلى إدخالِ هوسٍ جديدٍ سُمى "بأَسلَمةِ المعرفة" كان أُستاذِنا البروفسور فتحى أحمد خليفة والبرفسور التجانى حسن الأمين والدكتورآدم بريمة والدكتور عمر آدم رحمة بعضاً من انصار هذا الهوس. وأهتمت الإنقاذُ بالمظهرْ وتركتَ الجوهرْ. فعلى قَرارِ أسلَمة الجُنيه السُودانى ليُصبِحَ دِيناراً، فُرِضَ على طُلاب الطِب دراسةَ علم الحديث بدلا من التركيز على علم التشريح. ثم تبع ذلك هوس "الحرب المقدسة" فى جنوب السودان ودُفِعَ بالخِريجِين الى رِحى الحرب بالجنوب بدلاًٍمن دُور البحثْ. فهم لم يكُونوا أصلاً مهيئين لكى يكونوا علماءً وباحِثين ليُشارِكُوا فى النهضة ِالتى يدعُو لهَا الأستاذ البروفسور الخليفة فقد مُنِعَ عنهمُ العلمَ وغُسلت أمخاخُهم. أما مسيرة أسلمة المعرفة هذه فقد إِنتهتَ بعد سيطرة الإنقاذ على سدة الحكمِ ودُفِنت معها المطالبة بحُكم الشريعة الإسلامية وسُلمت رئاسة الوزارة اليوم إلى سودانى مسيحى لاعلاقة له إن كانت المعرفة "كافرةً" أم "مُسلِمة". ومع الإنقاذ ضاعت اجيال وأجيال وهُدرت موارد مادية وبشرية وساد الجهل بدلاً من العلم، والظُلم بدلا من العدل، والفساد بدلا من الإصلاح والرُشد. وإن كانت مايسمى بثورة مايو قد بدأت مسيرة دمار التعليم العالى تحت مسمى "تفجير الثورة التعليمة" فى بداية السبعينات فإن الإنقاذ قد أكملت المسيرة تحت مسمى "مشروع السودان الحضاري". ما نراه اليوم فى السودان هو "صوملة" للتعليم فى كافة أشكاله. ففى الصومال أجيال وأجيال منعتها الحرب الأهلية الدائرة هناك منذ مطلع التسعينات من إكمال تعليمها الإبتدائى ناهيك عن التعليم الجامعى وما فوق الجامعى. عُذر إخواننا الصوماليين هو عدم وجود الدولة من أساسها، أما نحن السودانيين فقد سخرنا الدولة ومواردها لتدمير العلم والتعليم.

مع وصول الإنقاذ أصبح العلم والتعليم حِكرا على طبقاتٍ معينةٍ قادرة على الصرف المادى على أبنائها. أما الغالبية العظمى من فقراءِ السودان فهى غير قادرة على إيجاد لقمة العيش ناهيك عن الصرف على دراسة أبنائهم فى أى من الجامعات التى كثر عددُها. فقد لغت الإنقاذ نظام السكن والإعاشة والذى كان يسمح لأى طالب سودانى بغض النظر عن وضعه الإقتصادى أن يلتحق بالدراسة الجامعية. وصار همّ الطالب أو الطالبة هو كيفية الحُصولِ على سكنٍ يأويه ولقمةٍ يسدُ بِها رُمقَهُ بعد يومٍ دراسىٍ طويل ورحلة عودة شاقة الى مسكنه. أدت هذه السياسات الخاطئة بإلغاء مجانية التعليم والسكن والإعاشة إلى تعرضِ الألآف من الشباب والشابات إلى الضَياعَ والإستغلالَ فى مُحاولاتِهم مساعدةَ أسرِهم لِتَغطِية مصاريف الدراسة. ولستُ من الذين يلومون هؤلاء الشباب، بل المسؤليةَ تقعُ فى المقام الأول على من "تنزلوا" بهذه القرارات والسياسات.

ومع إستمرار القرارات "المُتنزلة" هذه أصبح التعليم العالى تجارة رابحة تدر الملايين على أصحاب الكليات الخاصة. وبدلاً من أن تكون كفاءة الطالب هى التى تؤهله للإلتحاق بالجامعة صارت مقدرة أسرته المادية هى التى تختار الكلية والتخصص. وتحت مايسمى بالإستثمار أُجيزت قوانين لقيام جامعات إستثمارية. فأجاز البشير فى شهر اكتوبر الماضى مشروع قانون جامعة المغتربين. أما قانون المشروع فقد قدمه أستاذنا البروفسور الخليفة. ستون بالمئة من مقاعد هذه الجامعة حسب قانونها مخصصة لأبناء الخريجين. ولا أنكر حق أبنائنا المغتربين فى التعليم العالى فى السودان ولكن طبقية التعليم هذه وإختلاف جودة التعليم بين دول العالم وتركيز الموارد المادية الجاذبة للأساتذة والمعلمين فى جامعة بعينها هو جزءٌ بسيطٌ من الأسباب التى أدت الى تدمير التعليم العالى. وهناك كليات أُنشئت لكى تكون كليات تطبقية فى التمريض أو المهارة المهنية التقنية أو المعامل الطبية أو أى من القطاعات الأخرى التى يحتاج لها المجتمع إلا أنه وبين عشية وضُحَاهَا تحولت الكلية إلى جامعة لتُضاف إلى قائمة الإنجازات الجامعية. واحدة من هذه الكليات بدأت كأكاديمية للعلوم الطبية والتكنولوجيا لتصبح بعد مرور إثنتى عشر عاما من إنشائها "جامعة" للعلوم الطبية. أما المثال التالى حول الترفيع من كلية إلى جامعة فهو يثير الضِحكَ والبكاءَ فى آن واحد. فقد "تنزل" البشير بقرار فى أغسطس من العام الماضى يقضى بترفيع "كلية" مروى التقنية إلى "جامعة" "عبد اللطيف يوسف الحمد" التقنية. وبذلك تكون كلية مروي التطبقية قد تحولت إلى جامعة بعد مرور عامين فقط من إنشائها. هل هناك إستهزاءٌ وإستخفافٌ أكثر من ذلك؟؟ أو لم تكن مراكز العلم والبحث العالمية محقةً فى عدم الإعتراف ببعضٍ من الشهادات الجامعية السودانية؟ ليس لدينا إعتراض على دعم الخييرين للتعليم فى السودان. وسوداننا يذخرُ بالألآف من أمثال هؤلاء الناس. ولسنا ضد تكريم الرجُلِ ولكن ليس بهذه الطريقة. فتسمية الجامعات لها أصُولُها وقواعِدُها ولا تُطلق هكذا جزافاً. ماذا سوف يكون مصير أبنائنا الذين يحملون هذه الشهادات ويودون الإلتحاق بجامعة عالمية من أجل البحث ومزيدا من المعرفة؟ فكم من عالم ومخترع أسدى للبشرية جمعاءخدمة جليلة وكان قبره على بعد أمتار من الجامعة إلا أنها لم تسمى بإسمه تخليدا لذكراه ولصنيعه.

ورغم استمرار التدهور وبصورة سريعة وواضحة فى مجال التعليم العالى فلازالت الجهات المسؤلة عن هذا التدنى تدفن رأسها فى الرمل. فلم توجه وزارة التعليم العالى والبحث العلمى بدراسة وتحليل مشاكل وقضايا التعليم بصورة علمية لإيجاد العلاج والتقويم. بل لازالت متمادية فى إمعان الخراب والدمار. ففى عالم متسارع الخطى نحو التطور التكنولوجى والترابط المالى والإقتصادى والمعلوماتى يصبح التسلح بالعلم والبحث ضمانة اساسية لتقدُم ورِفعةَ المجتمع السودانى. ولو كُنا بالفعل نريد مواكبة هذا التطور والتقدم فلابد من وقفة صادقة مع النفس ومراجعة دقيقة لكل السياسات التى لها علاقة بالتعليم العالى وكل القرارت التى "تنزلت" دون دراسة وتخطيط. ولعل أهم خطوة فى هذا الإتجاه هو النظر فى إعادة اللغة الإنجليزية وبصورة تدريجية إلى قاعات ومكتبات الجامعات. على أن يبداء التركيز على اللغة الإنجليزية من المرحلة الثانوية خلال الثلاثة أعوام القادمة. علينا أن نكون جادين فيما نعنى حول الأهداف والمعايير والشروط من قيام جامعة أو كلية أو مدرسة ثانوية أو إبتدائية. أن ندّعى أن لدينا خمسمائة طالبا يدرُسونَ الطب بجامعة "أم طُرقاً عُراض" دون توفير أدنى مقومات العلم والبحث من معامل ومختبرات ومراجع وعلماء، لا يمكن أن يعد إنجازاً بل جريمة فى حق أبناءنا وبناتنا وجريمة فى حق مرضانا، ينعكس مردوده سلباً على الأداء والإنتاج ولا يزيدنا إلا فقراء ومرضا.

الخميس، 21 يناير 2010

مسرح فى الهوا



شاهدت قبل دقائق عمل مسرحى على قناة الشروق بعنوان "مسرح فى الهوا" من تمثيل الأستاذ محمد المهدى الفادنى وآخرون.وتأليف الأستاذ جعفر سعيد الريح . ولقد شد إنتباهى الفكرة والتى تقوم على أداء عمل مسرحى فى الشارع أو المستشفى أو السوق أو الدكان أو خلافه وليس على خشبة المسرح بستائره وكواليسه. وبذلك تتيح الفرصة لشريحة كبيرة ومتنوعة لمشاهدة العمل المسرحى ومحاولة فهم دوره فى تناول قضايا المجتمع السودانى. فى رأيئ كان من الأفضل أن يقدم العمل المسرحى دون أن يفتح باب النقاش للجمهور. ولست بالطبع مع "كتم" صوت الجماهير، ولكن مناقشة هذه القضايا بهذه الطريقة قد يؤدى إلى نشر مفاهيم خاطئة فى أوساط الجمهور والمشاهدين. إلا إننى أعود وأثمن على دور المسرح المفتوح فى تطوير الجماهير نفسها.

الاثنين، 11 يناير 2010

أنحنا عندنا مهندسين؟؟؟؟؟


وقعت حافلة ركاب هايس فى أحد مجاري الصرف فى الخرطوم 2 قبل ثلاثة أيام (والصورة مامحتاجة لشرح). وقد يكون سبب الحادث فى المقام الأول خطاء السائق. فلربما يكون غير واعى لسبب ما ، أو قد يكون صبيا دون السن القانونية المسموح بها لحمل رخصة القيادة أو خلافه. ولكن ماهى مسؤلية محلية أو بلدية الخرطوم عندما قامت ببناء هذا المصرف دون تغطيته لتمنع سقوط الركشات، والهايس والأمجاد والأغنام والحمير؟؟؟
وعلى الرغم من أننى لست مهندسا معماريا ولا أحمل شهادة فى تخطيط المدن إلا أن هذه الحادثة وفيضانات وسيول الخرطوم الأخيرة تدل على عدم كفاءة من نفذ مجاري الصرف هذه. والسؤال دحين أنحنا عندنا مهندسين؟ وهل ستقوم محلية الخرطوم بتغطية هذا المصرف بالذات لمنع وقوع السيارات والحيونات؟

الخميس، 7 يناير 2010

وزير الخارجية السويدى يشكك فى إنفصال الجنوب



شكك وزير الخارجية السويدى كارل بيلد فى مقدرة جنوب السودان فى الوقوف على قدميه فى حال انفصاله عن الشمال خلال الإستفتاء المزمع قيامه فى العام القادم. فقد صرح الوزير من خلال مدونته الإليكترونية على شبكة الإنترت أن جنوب السودان لن يستطيع الوقوف على قدميه على مدى مدة طويلة قادمة فى حال إنفصاله عن الشمال. ويأتى هذا التصريح فى نهاية دورة السويد للإتحاد الأوروبى، إلا أن للسويد تأثيرا فاعلا فى سياسة الإتحاد الأوروبى الخارجية. أما كارل بيلد فهو رجل ذو دراية تامة بالسودان. فقد كان الرجل واحدا من أعضاء مجلس إدارة شركة لوندين بتروليم والتى لها استثمارات واسعة فى مجال التنقيب عن البترول فى جنوب السودان. وقد زار الرجل السودان عدة مرات وكان وراء وضع السودان ضمن الدول المتلقية للدعم السويدى. كما فتح الرجل أول سفارة سويدية بالخرطوم قبل عامين.

الأربعاء، 6 يناير 2010

سودانيات

سودانيات هو منبري لمناقشة ومعالجة قضايا السودان مع السودانيين ومن هو قادر على فهم اللغة العربية. وما أطرحه من رأى على هذا المنبر هو رأى أنا شخصيا لايمكن أن يحاسب عليه أحد آخر. أما مبادئ المنبر فإنها تقوم على حرية الرأى،إحترام الرأى الآخر، الموضوعية، تحرى الدقة وتقصى الحقائق.